لئن يعرف سعر برميل النفط في الأسواق العالمية تذبذبا إلا أن سعره يتجه نحو الارتفاع بالنظر إلى أهمية الطلب وسط وضع دولي يتسم بالتوتر، فقد ناهز سعر البرميل أمس 67 دولارا وهذا السعر مرجح لتجاوز عتبة 70 دولارا ما من شأنه أن يكبد خزينة الدول مصاريف إضافية في ظل انخرام الموازنات المالية للبلاد وخاصة ميزانية الدولة للسنة الجارية 2018 بعد أن واجه قانون المالية عديد التحفظات. إذ أعرب خبراء عن تخوفهم من تداعيات الفرضيات التي بني عليها قانون المالية لسنة 2018 أهمها اعتماد 54 دولارا لسعر برميل النفط في حين أن سعر البرميل عند إيداع مشروع قانون المالية لدى مجلس نواب الشعب قد بلغ 53 دولارا وهو ما دفع الخبراء إلى التحذير من إمكانية تواصل ارتفاع أسعار النفط إذ رجحوا بلوغ سعر البرميل أكثر من 60 دولارا وهو ما نعيش على وقعه اليوم. وتعرف أسعار النفط ارتفاعا مضطردا من يوم إلى آخر إن لم نقل من ساعة إلى أخرى حيث ناهز سعر البرميل في الأسواق العالمية أمس حوالي 67 دولار أي بزيادة بحوالي 18 دولارا مقارنة بالفرضية التي تضمنها قانون المالية للسنة الجارية. وحسب مؤشرات رسمية فإن ارتفاع سعر برميل النفط بدولار يكلف خزينة الدولة 100 مليون دينار إضافية ما يعني أن ارتفاع سعر البرميل ب18 دولارا من شأنه أن يكبد خزينة الدولة مصاريف إضافية تصل إلى 1 مليار دينار إذا ما بقي سعر البرميل في حدود 67 دولارا لكن هذا السعر قد يصل إلى مستويات قياسية قد تنسف كل التوقعات والموازنات المالية للبلاد. وقد عرفت أسعار النفط أعلى مستوياتها منذ 2015 وسط تواصل الطلب لا سيما وسط تطور أداء مصافي التكرير الصينية التي تعتبر من أكبر المصافي في العالم حيث عالجت رقما قياسيا من النفط الخام خلال الشهر الماضي الأمر الذي قد يعكس تعافي الطلب الصيني، وتواصل الطلب أدى إلى ارتفاع حجم الإنتاج في الربع الأول من السنة الجارية بنسبة 7.5 % وهو ما أدى إلى زيادة متواصلة في سعر برميل النفط الذي من المرجح أن يصل إلى أسعار قياسية مما سينعكس سلبا على الموازنات المالية للسنة الحالية. زيادات جديدة وللتخفيف من وطأة هذا الارتفاع الذي سيكبّد خزينة الدولة مصاريف إضافية تصل إلى 1 مليار دينار على الأقل فإن الحل سيكون في الزيادة في أسعار المحروقات التي من المرجح أن تعرف على الأقل زيادتين من المنتظر أن تكون في حدود 50 مليما خلال شهري سبتمبر وديسمبر بعد زيادتي شهري جانفي وأفريل 2018 ما يرجح أن يصل عدد الزيادات على امتداد السنة الجارية إلى 4 زيادات. وتأتي هذه الزيادات لاحتواء الارتفاع المتواصل لأسعار النفط العالمية من جهة وتطبيقا لشروط صندوق النقد الدولي الذي اشترط الترفيع في سعر المحروقات بهدف الضغط على المصاريف لا سيما مصاريف دعم المحروقات التي تعد نزيفا لخزينة الدولة. التعديل الآلي.. يغرق الأسعار وقد انطلقت تونس منذ منتصف 2016 في اعتماد آلية التعديل الآلي لأسعار المحروقات وذلك من خلال الاعتماد على معدل أسعار البترول العالمية عبر ربط السعر المحلي لأسعار المحروقات بالسعر العالمي بما يمكن من تحديد أسعار هذه المواد إما بالترفيع أو التخفيض أو الإبقاء على الأسعار لتتواصل هذه العملية بصفة دورية بمعدل كل ثلاثية وهو ما عرفته أسعار المحروقات اليوم حيث شهدت زيادة خلال شهري جانفي وأفريل. واعتماد هذه الآلية مازال يثير الكثير من المخاوف لدى التونسيين لا سيما وأن أسعار المحروقات تعرف تطورا متواصلا أثقل كاهل المواطن الذي تعرف مقدرته الشرائية انهيارا، خاصة وأن البعض يعتبر أن هذه الآلية باب للتخلي عن دعم المحروقات والتخلي عن منظومة الدعم عموما.