تونس الصباح: تدور يوم غد انتخابات مجلس كبار الناخبين لعمادة المهندسين التونسيين، الذي يلقب ب«مجلس التسعين» باعتباره يضم 90 عضوا، يجري انتخابهم كل ثلاث سنوات.. وكان «مجلس التسعين» الذي يعدّ اعلى سلطة قرار في العمادة، انتخب في جوان من سنة 2005 وتأخرت انتخاباته هذه المرة لنحو عام كامل لاسباب غير معلومة، اذ كان من المقرر من الناحية القانونية ان تدور في بداية صائفة السنة المنقضية. ويتولى المجلس اثر انتخابه اختيار الاعضاء العشرة (نصف المكتب التنفيذي للعمادة) للسنوات الثلاث المقبلة، ضمن ما يعرف ب«الانتخابات النصفية»، وهو ما يفسّر الوطيس الحامي الذي سبق انتخابات مجلس التسعين، والتجاذبات التي رافقت كافة اطوار العملية الانتخابية وبالتحديد منذ انطلاق الانتخابات الخاصة بالهيئات الجهوية والقطاعية التابعة للعمادة.. استغراب.. وتساؤلات وعلى الرغم من ضبط تاريخ 30 افريل 2009، كآخر اجل لقبول الترشحات لمجلس كبار الناخبين، فان العديد من المهندسين، وبخاصة المرشحين منهم والمسؤولين على هيئات جهوية وقطاعية، اعربوا ل«الصباح» عن استغرابهم من عدم صدور القائمة النهائية للمرشحين، واعتبروا ذلك «سابقة لافتة للنظر في تاريخ انتخابات العمادة»، على حدّ تعبير هؤلاء. وعلمت «الصباح» في هذا السياق، ان عددا من المهندسين المرشحين لمجلس التسعين، اضطروا لتكليف عدل تنفيذ للحصول على القائمة النهائية للمرشحين، بعد ان رفضت العمادة تمكينهم منها.. وما يزال عموم المرشحين لاكثر الانتخابات اهمية في عمادة المهندسين، يجهلون اسماء المرشحين او عددهم النهائي. وقال السيد احمد بوريقة، احد المرشحين الذين يحظون بشعبية واسعة صلب مكونات العمادة، انه «في الوقت الذي رفضت قيادة المهندسين تميكننا من القائمة النهائية للمرشحين، يقوم نائب رئيس العمادة السيد عفيف قيدارة بحملة انتخابية رغم انه ليس من المرشحين». واوضح بوريقة في تصريح ل«الصباح»، وجود «تجاوزات مورست ضد بعض المرشحين، عبر ارغامهم على سحب ترشحاتهم» على حد قوله. وانتقد بوريقة ما وصفه ب«التعتيم الكامل» على المعلومات الخاصة بالعملية الانتخابية، في وقت يفترض ان تكون جميع المعطيات المتعلقة بانتخابات مجلس التسعين علنية، على اعتبار انها تهم المرشحين والعائلة الموسعة للمهندسين التونسيين. من جهته، شدد السيد الهادي بن صالح، احد المرشحين لمجلس التسعين، على «عدم التزام العمادة بما تقره المجالس الوطنية الدورية» بالاضافة الى «التغييب الكلي للمهندسين» ما تسبب في «تردي وضعية المنظمة وعزوف المهندسين عن منظمتهم».. واشار المرشح عروس محجوب الى وجود «حالات قبول لبعض الترشحات بعد الآجال، ورفض البعض الآخر من الترشحات القانونية» حسب قوله. حول انتخابات الهيئات.. وفي الواقع لم يتوقف الامر عند الانتقادات المتعلقة بانتخابات مجلس التسعين، انما شملت تحفظات عديد المهندسين، انتخابات الهيئات الجهوية والقطاعية.. وقال السيد بدر الدين الأسمر (احد المرشحين لانتخابات مجلس التسعين)، بان حالة من التعتيم الاعلامي احيطت بتلك الانتخابات، «بلغت حدّ اخفاء روزنامة المواعيد حتى على بعض اعضاء المجلس التنفيذي للعمادة»، وتم «تجاوز العديد من الاجراءات القانونية الانتخابية»، الى جانب «تنظيم انتخابات لبعض الهيئات على الرغم من كونها لم تقدم تقارير ادبية او مالية مثلما ينص على ذلك القانون الداخلي للعمادة». وكانت انتخابات الهيئات الجهوية والقطاعية عرفت معدل تجديد، بلغ نسبة 75% تقريبا، حيث وصلت عملية التجديد معدل 5 على 7 اعضاء، على الرغم من حالة العزوف الكبيرة التي رافقت هذه الانتخابات بسبب ما وصف ب«تدخلات نائب رئيس العمادة وممارسته لضغوط كبيرة على المرشحين». وجهة نظر مختلفة الى هنا، اعلن السيد غلام دباش، عميد المهندسين التونسيين ل«الصباح»، عن وجود 161 مرشحا لانتخابات «مجلس التسعين».. واوضح ان اللجنة التي شكلتها العمادة للبت في صحة الترشحات، ابقت على 153 مرشحا فحسب، باعتبار عدم استجابة بقية المرشحين للشروط القانونية، في مقدمتها دفع معلوم الاشتراك لاربع سنوات متتالية، وممارسة نشاطه صلب مكونات العمادة لمدة عامين.. ورفض رئيس العمادة الادلاء بأي موقف بشأن الانتقادات او «الطعون» التي تقدم بها بعض المرشحين، قائلا في هذا السياق: «كرئيس للعمادة، لا يمكنني الانحياز لطرف ضد آخر، لكنني اشير الى ان نائب رئيس العمادة ليست له الصلاحيات التي تتجاوز موقعه، وهو لا يتصرف الا بموجب قانوني وعندما يكون رئيس العمادة غائبا»، مؤكدا ان «مجلس العمادة يجتمع كل شهر، وقراراته ملزمة لرئيس العمادة، المطالب بتنفيذها»، على حد تعبيره. وفيما يتعلق بالملاحظات النقدية الخاصة بانتخابات الهيئات الجهوية والقطاعية، شدد غلام دباش على ان هذه الانتخابات «تمت بصورة شفافة» معربا عن امله في ان تكون انتخابات مجلس التسعين «في كنف الممارسة الديمقراطية». وحول التحفظات الخاصة بنائبه، قال رئيس العمادة: «لم يصلني اي نص قانوني في ذلك، وبالتالي ليس بوسعي اتخاذ قرار بصورة اعتباطية». القائمة.. سرية ورفض السيد غلام دباش، تمكين «الصباح» من القائمة الكاملة للمرشحين لعضوية مجلس التسعين، مؤكدا ان هذا الامر «جزء من مداولات مجلس العمادة الذي ينص القانون على سريتها» حسب قوله. ووصف رئيس العمادة التجاذبات الحالية فيما بين المرشحين ب«الصحوة الحقيقية» ما دامت في اطار القانون والاحترام المتبادل. وناشد المهندسين بضرورة التركيز على مسيرة المهندس التونسي في ضوء القرارات الرئاسية الاخيرة، «حتى لا تلهيهم العملية الانتخابية» الخاصة «بمجلس كبار الناخبين». ويبدو من خلال هذه التفاعلات بشأن انتخابات مجلس التسعين، ان يوم غد (الجمعة) سيكون موعدا ساخنا في تاريخ عمادة المهندسين التي لم يسبق ان مرت بتجاذبات من هذا الحجم. والسؤال المطروح في هذا السياق هو: الى اين ستتجه الامور في اعقاب انتخابات مجلس كبار الناخبين؟