بني خيار- الصباح: بعث رجل أعمال ايطالي خلال سنة 2001 مشروعا ببلادنا تمثل في اقامة مصنع للأجبان ببني خيار كلفه أكثر من مليارين من المليمات التونسية. وأشرف بنفسه على عملية الانتاج والتوزيع بالاضافة الى ادارة المصنع وشغل الرجل سبعة عمال تونسيين تطوع لتعليمهم قواعد العمل وطريقة اعداد الجبن وانتاجه الى أن أتقنوا «الصنعة» وأصبحوا على اطلاع كامل بما يدور بالمصنع من عمليات توريد المادة الأولية والأساسية لصنع الأجبان والمتمثلة في مادة تدعى الكازايين حيث كان مدير المصنع يورد منها 15 طنا سنويا لانتاج الجبن وهي مادة باهظة الثمن ذلك أن ثمن الكلغ الواحد منها يبلغ 25 ألف دينار وبعد أن اطمأن المدير الايطالي على سير أمور العمل في مصنعه على أحسن وجه أصبح كثير التردد على مسقط رأسه بايطاليا لزيارة عائلته كما كان يستغل الفرصة لعقد صفقات لتزويد مصنعه بالمادة الأولية وكانت آخر زيارة له الى بلده خلال شهر جويلية 2007 حيث غادر مصنعه ببني خيار وترك بالمخزن 247 حاوية تحتوي على كمية هامة من مادة الكازايين يقدر ثمنها الجملي ب 154 الف دينار اضافة الى كمية من الأجبان الجاهزة قيمتها 10 آلاف دينار الى جانب صكوك بنكية كان تسلمها من حرفائه بمبلغ 4 آلاف دينار وقد قام اثر سفره بغلق مستودع خزن المادة الأولية وترك المفاتيح لدى العمال لمواصلة تزويد الحرفاء بالاجبان المتوفرة على أن لا يشرعوا في عملية الانتاج مجددا الا بعد عودته. خطة مدبرة الا أن العمال خانوا الأمانة واستغلوا فترة سفر «عرفهم» الى بلاده ليتصرفوا على هواهم اذ عمدوا الى الاستيلاء على كميات هامة من مادة الكازايين الباهظة الثمن واستعملوها في اعداد كميات من الجبن تولوا تسويقها لحسابهم الخاص واقتسموا المداخيل في ما بينهم كما أنهم كانوا يعتمدون «الغش» في عملية الصنع فيعمدون أحيانا الى تعويض الكازايين بمادة السميد نظرا لتشابههما من ناحية اللون ونوعية الطحين اذ لا يمكن التفريق بينهما كما أنهم نكلوا بعرفهم شر تنكيل اذ سكبوا جزءا من الكازايين على أرضية المخزن ورشوه بمادة القازوال مما أدى الى اتلافه وقد غنموا جراء العملية مبالغ هامة حيث بلغ مناب العامل الأول 35 ألف دينار أما مناب الثاني فكان 20 ألف دينار كما حصل العامل الثالث على نصيبه وفر الى ايطاليا تفصيا من عواقب فعلته في حين قام أحد العاملين الأولين بالاتصال «بعرفة» الايطالي وأعلمه بتعرض مخزن المصنع الى عملية تخريب صادرة عن منافسيه في المهنة دون أن يحدد له أسماء أشخاص بعينهم فحل صاحب المصنع على وجه السرعة بمدينة بني خيار وبمجرد وصوله تفطن الى اختفاء كمية هامة من مادة الكازايين اضافة الى أن جزء من نفس المادة كان مسكوبا على أرضية المخزن الى جانب كمية من المازوط وقد تسببت العملية في خسائر مادية فادحة اضطرت صاحب المصنع الى التوقف عن نشاطه وغلق مصنعه بسبب عدم قدرته على التزود مجددا بالمادة الأولية الباهظة الثمن وقد قدر قيمة الاستيلاءات بنحو 170 ألف دينار وبمباشرة الأبحاث من قبل أعوان فرقة الشرطة العدلية بنابل أوقفوا عاملين بالمصنع في حين تمت احالة شريكهما الثالث بحالة فرار بعد هربه كما ذكرنا الى ايطاليا وباستنطاقهما أقرا بالتهم الموجهة لهما وبررا فعلتهما بمحاولتهما صرف نظر صاحب المصنع الايطالي عن العمل بالبلاد التونسية موهمين إياه بأن الأمر يتعلق بعملية انتقامية قام بها ضده منافسون له في ميدان صنع الجبن وذلك لارهابه وترويعه وذلك لدفعه لبيع المصنع لهما بابخس الاثمان وقد أحضر المتهمان بحالة ايقاف أمام الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بقرمبالية لمقاضاتهما من أجل تهم سرقة أجير لمؤجره والاضرار عمدا بملك الغير وأحيل المتهم الثالث بحالة فرار واثر المفاوضة قضت الهيئة بسجن المتهمين الموقوفين 6 أعوام وقضت غيابيا في حق الثالث بالسجن 12 عاما.