دعا المسرحي شكري البحري سلطة الإشراف إلى إيلاء المسرح المدرسي والجامعي اهتماما لازما لأنه يعتبرهما مستقبل قطاع الفن الرابع ومجالين في أمس الحاجة للتنظيم والعناية والمتابعة، واعتبر أن أهل القطاع يشاطرونه نفس الرأي. وتجدر الإشارة إلى أن شكري البحري من خريجي المعهد العالي للفن المسرحي بتونس وشارك في عديد الأعمال المسرحية والدرامية خلال مسيرته منذ أكثر من عقد تقريبا. كما اعتبر اكتفاء أهل القطاع خاصة والفاعلين في الحقل الثقافي عامة بتوجيه الانتقادات واللوم والاستنكار للمظاهر والممارسات التي تسيء للمثقف أو الفنان أو المتلقي على حد السواء وتعرقل كل تعبيرة فنية حرة غير كافية في مسار التحدي والإصلاح وإعادة ترتيب القطاع المسرحي. وطالب هذا المسرحي، الذي يعد من بين مؤسسي إذاعة خاصة على"الواب" تعنى بالمسرح، الجميع بالعمل والتفكير المشترك من أجل وضع المبادرات الكفيلة بالتأسيس قانونيا وهيكليا لقطاع يضمن الحفاظ على كرامة المبدع بالعمل الجاد وتقديم أعمال بمستوى إبداع وذلك بتوحيد الموقف والصف ووضع خطة عملية لانتشال ما بقي من المسرح التونسي يمليها واقع المصلحة المشتركة في هذه المرحلة بالأساس. وأضاف في ذات الإطار:" المسرح التونسي يعاني عديد النقائص من بينها غياب النقد المختص ونقص الدعاية الإعلامية على عكس السينما والدراما اللذين يحظيان بفرص العرض في التلفزة فيما تجد الأعمال المسرحية صعوبة في شراء العروض والبث التلفزي. ولكن رغم كل هذه العراقيل والصعوبات والوضعية الحرجة يبقى المسرح التونسي رائدا على مستوى مغاربي وعربي وتعداه ليحظى بصيت عالمي من خلال بعض رموزه المتميزين على غرار فاضل الجعايبي والجبالي وغيرهما." ذاكرة المسرح من جهة أخرى اعتبر شكري البحري راديو المسرح الذي يتواصل بثه بصفة متواصلة لمدة 24 ساعة عبر"الواب" منذ أكثر من عام ونصف خيارا إعلاميا ناجعا للفن الرابع خاصة نظرا لأن هذا القطاع يشكو نقصا في الدعاية فلا توجد مواقع الكترونية أو إعلامية تعرف بالأعمال المسرحية والمسرحيين وتطرح قضايا الميدان بحثا عن إمكانات المعالجة، وبين أن هذه العوامل جعلت القطاع يبقى بعيدا عن المتلقي وظل حبيس قاعات العرض والركح ولم يدخل بعد إلى الديار. وأكد أن هذا الراديو نجح في تقريب المسافة بين المسرح والمتلقي إلى حد ما رغم أن إذاعة المسرح لم تجد الرواج اللازم واعتبر أن ما سهل نجاح دور هذه المؤسسة الإعلامية الخاصة أنها تعتمد على مجموعة من خريجي المعهد العالي للفن المسرحي أو من جمعيات ناشطة في ميادين ثقافية في تأثيث مساحاتها كمتطوعين وقد تطوعوا وتجندوا على النحو الأمثل لذلك غيرة منهم على هذا النوع من الفنون في معالجة وطرح قضايا المواطن والمجتمع والفكر فنيا من ناحية واعترافا من ناحية أخرى بقيمة وأهمية الفاعلين والناشطين في الميدان. كما أوضح أن هذه المجموعة حريصة على آداء مهامها بحرفية سواء تعلق الأمر بمساحات البث المخصصة للبرامج الحوارية أو الأخبار المسرحية أو لتغطية ومواكبة التظاهرات والمهرجانات داخل أي جهة من البلاد من خلال مراسلي الإذاعة في كامل الجهات. كما شدد شكري البحري على أن"راديو المسرح" أصبح ذاكرة الفن الرابع ومصدر معلومة وإخبار في ظل غياب الهياكل أو المؤسسات التي تعنى بهذا القطاع وأنشطته من الناحية التنظيمية بالأساس. واعتبره من ناحية أخرى المجال الوحيد تقريبا للتعريف بالمشاكل التي يعانيها القطاع ويتيح إمكانية معالجتها ويقرب المسرح من المتلقي. خيارات للمراجعة من جهة أخرى بين شكري البحري أن وزارة الثقافة مطالبة خلال هذه المرحلة التأسيسية بالعمل على تكريس القوانين والمبادرات التي تجعل المسرح قطاعا مستقلا بذاته من خلال مراجعة المسائل المتعلقة بشركات الإنتاج التي اعتبرها أكثر مما هو مطلوب أي ما توفره الوزارة من دعم مقارنة بعدد المسرحيين الناشطين في الميدان بوضع حد لتفاقم عدد هذه الشركات خاصة أن أغلبها لم يقدم الإضافة المرجوة للقطاع حيث يقول:" من المؤسف فعلا أن نقر أن أغلب شركات الإنتاج لا تنشط إلا عند اقتراب موعد أو موسم الدعم حتى أنها أصبحت كالعربات التي لا تتحرك إلا موسميا لذلك أتمنى لو أن كل مسرحي يحرق"عربته" تلك لنحدث ثورة مسرحية في البلاد يتسنى لنا إثرها نصرة سياسة مسرحية مثلى." أما فيما يتعلق بمسألة إلغاء الرقابة أو التأشيرة على الأعمال المسرحية التي انطلق العمل بها بعد انتصار الثورة أي منذ سنة تقريبا أكد شكري البحري أن الاكتفاء بهذا القرار دون التأسيس لهيكل بديل ساهم في تهميش القطاع إذ يقول في ذات الإطار:" كان من المفروض أن يتم بعث هيكل مختص يتولى على الأقل تحديد الأعمال المسرحية التي تنجز حتى نتمكن من التأريخ للمنجز المسرحي في بلادنا حيث أن تاريخ المسرح في الثلاثينات أوضح وأكثر تنظيما مما هو عليه الآن إذ يكفي أن نقول أن عدد الأعمال المنجزة خلال العام الماضي غير معلوم بعد أن تم إلغاء العمل بالتأشيرة. وأعتقد أن إدارة المسرح مطالبة بمراجعة مهامها وأدوارها لتصبح آلية لبحث وإيجاد الحلول للقطاع والتوثيق له فضلا عن دورها المتمثل في قبول الملفات للدعم والترويج داخل الجهات." واقترح شكري البحري إعادة تفعيل صندوق التنمية الثقافية أو بعث صندوق يعنى بالشؤون الاجتماعية للفنان لصون كرامته من ناحية وحتى لا تتحول وزارة الثقافة إلى وزارة للشؤون الاجتماعية من ناحية ثانية. كما أعلن أنه بصدد الإعداد لإصدار مجلة تعنى بالكامل بالمسرح.