ما من شك أن التوجه نحو تحديد أسعار البيع القصوى لبعض المنتجات الفلاحية الاستهلاكية مثل البطاطا والقارص واللحوم الحمراء ولحم الدجاج بموجب مقرر صادر أمس الأول عن مصالح وزارة التجارة والصناعات التقليدية سيساعد ولو نسبيا على ضبط ظاهرة الانفلات في الأسعار والتلاعب بميزانية العائلة التونسية وبالطاقة الشرائية للمواطن التي عادة ما تبلغ ذروتها في شهر رمضان من كل عام. على أن التجربة المريرة للمستهلك مع «موجات» ارتفاع أسعار بعض المواد الغذائية والاستهلاكية التي اجتاحت في فترات مختلفة من العام الجاري أسواق الخضر والغلال وكادت تأتي بالكامل على «قفة» المواطن وجيبه وكذلك مع «محاولات» مجابهتها في الإبان من طرف المصالح المعنية والمتدخلة من شأنها أن تنزل بدرجة التفاؤل بمقرر تحديد أسعار البيع القصوى الجديد إلى أدنى مستوياته. نقول هذا لا من باب التشاؤم وإنما اعتبارا لتشعب امتدادات ثالوث المضاربة والاحتكار والغش الذي هو مصدر كل موجة غلاء وتعدّ تجاري جشع ولا أخلاقي على المقدرة الشرائية للمواطن البسيط. لذلك يبقى مطلوبا في رأينا أن تكون هناك أيضا آليات مراقبة حقيقية وردع زاجر لكل عملية مخالفة للمقرر المذكور من قبل التجار والباعة. إنّ تكثيف نشاط فرق المراقبة الاقتصادية وجعلها مسنودة مثلا بحضور أعوان من الأمن للتحرير على المخالفين من التجارة أو لردع أولئك الذين لا تورعون في بعض الحالات عن التهجم على الأعوان وتهديدهم وحتى تعنيفهم من شأنه أن يعمق الوعي برمزية وجدية عمل فرق المراقبة الاقتصادية لدى المواطن والتاجر في نفس الوقت ويرتقي بمردودها في حد ذاتها. كنا نود والشهر شهر روحانيات لو أننا نقارب مسألة التحكم في الأسعار ومقاومة الغش والاحتكار والمضاربة في رمضان من منظور ثقافي أخلاقي قيمي أيضا ولكن يبدو أن جشع بعض «اللوبيات» المتحكمة في عمليات التزويد والوفرة بالأسواق وبالتالي تحديد «سقف» الأسعار لم يعد ينفع معهم إلا منطق المراقبة وتطبيق القانون. على أنه يبقى مطلوبا أيضا من المستهلك ذاته أن يتحكم في شهواته وأن يراعي حقيقة وحدود مقدرته الشرائية في سلوكه الاستهلاكي لأن ذلك يساعد أيضا على الحد من ارتفاع الأسعار.