«ما زلنا ندفع ضريبة تمسكنا باستقلاليتنا» «عندما يضرب الاتحاد علينا أن نتوقع انتشار الانقطاع عن التعليم» عن واقع الاتحاد الوطني للمرأة وما ينتظره من تحديات انية ومستقبلية لتجاوز تلك الصورة المهينة التي التصقت به طويلا وغيبت إنجازاته الوطنية في مجال الصحة والتعليم التقينا رئيسة الاتحاد راضية الجربي التي أبدت تفاؤلا غريبا وقناعة بأن للاتحاد عودة وشيكة على الساحة الوطنية للقيام بدوره في الدفاع وتعزيز مكاسب المرأة من الريف الى المدينة بما في ذلك مجلة الأحوال الشخصية وحقوق المرأة في الدستور الجديد. راضية الجربي وهي المحامية التي دفعتها الاحداث التي مرت بها البلاد بعد الثورة على راس الاتحاد كانت ضمن مجموعة ال25 محامي الذين تطوعوا لرفع قضايا فساد وسوء الإدارة ضد عديد المنظمات والهيآت قبل أن تتحول من شاكية ضد الاتحاد الى مدافعة شرسة عن هذا الصرح الذي يحتاج لاعادة البناء وليس للترميم. عام من القضايا والصراعات تقول رئيسة الاتحاد ان العام الذي مضى كان عام الصراعات والنزاعات واللهث وراء القضايا بين القدامى والجدد في صلب الاتحاد وبين العمال والهياكل وبين النقابة والدولة, وتضيف أن الاتحاد عاش من القضايا الكثير ولكن وبفضل تظافر الجهود بين "القدامى" غير المحسوبين على النظام السابق وبين الجدد أمكن تجاوز مرحلة صعبة جدا, وتضيف محدثتنا أن الاتحاد واجه محاولات كثيرة لوضع اليد عليه التشكيك في هياكله بتواطؤ أطراف عديدة من الهيئة السابقة ووزارة المرأة وغيرها من الاطراف, وتقول راضية الجربي أن الاتحاد تعرض لاعتداءات متكررة وأن هناك قضايا فساد مالي واداري مسجلة ضد قيادات سابقة بما في ذلك سرقة أموال تعود لوزارة المرأة وأخرى تعود للدولة وأن الاتحاد لديه قضايا أمام الفرقة الاقتصادية وهياكل مؤسسة رئاسة الجمهورية وأن عملية تنظيم وتنظيف المؤسسة مستمرة. والاغرب حسب محدثتنا يتمثل في تدخل الدولة في الاتحاد وهو الذي يعتبر جمعية وطنية وليس عمومية يتحول تسييرها وإدارة هياكلها في صلب اهتمامات الدولة وقد كان من الواضح أن الساعين لتطويع الاتحاد لا يفرقون بين الوطني والعمومي على حد تعبيرها, وتشير الى أنه تم رفع ستة قضايا ضد الاتحاد لمنع عقد مؤتمره انتهت جميعها بالفشل, الى جانب قضايا للمنع من دخول مقر الاتحاد. وتشير راضية الجربي الى أن الاتحاد كان يخوض أكثر من معركة في ذات الوقت اذ كان أمامه بالإضافة الى ما سلف أكثر من ستين قضية بين تسوية وضعيات وبين ملفات الضمان الاجتماعي وخلاص الأجورالمتخلدة ومقاضاة الهياكل المتورطة في ملفات الفساد الى جانب عقل ممتلكات الاتحاد, وتستطرد محدثتنا مشيرة الى أن كل محتويات المكتب معقولة بما في ذلك الكرسي الذي تجلس عليه والحاسوب الذي تستعمله والامر ذاته ينطبق على مكتب بن عروس وهو من الأسباب التي تمنع الاتحاد اليوم من العمل كمنظمة تدافع عن المرأة وتواكب ما يحدث في البلاد.. ووصفت راضية الجربي نشاطات الاتحاد اليوم بالمحتشمة جدا وأنها أشبه ما يكون بتسجيل الحضور. وكشفت رئيسة الاتحاد أن هناك نزاع كبير من كل الجهات من الحكومة وكما النقابة ووزارة المرأة والانتهازيين الديمقراطيين الجدد صلب الاتحاد يعرقلون عمله. وعن أسباب هذا الاستهداف تقول محدثتنا ان أهمية الاتحاد ووجوده على كامل تراب الجمهورية تجعله مستهدفا من طرف كل السياسيين مشيرة الى أن مكاتب الاتحاد موجودة في كل مكان وحيث لا توجد سلطة محلية وأنه كان ولايزال "دار المرأة " بالنسبة لكل من لا تجد لها سند. الى أين يتجه الاتحاد؟ بكثير من الثقة تقول المحامية راضية الجربي أن وضع الاتحاد أفضل مما كان من قبل وأنه بصدد استعادة اشعاعه ليتجاوزالصورة التي كان عليها قبل الثورة, وتقر راضية الجربي بأن الاتحاد لا يقود في الوقت الراهن الحركة النسائية ولكنه يسعى في المقابل ومنذ الثورة الى اصلاح هياكله والقيام بنقد ذاتي ومراجعة تاريخه وأهدافه والقطع مع كل الأخطاء السابقة والانخراط في عمل ديموقراطي وتشير الى أن المؤتمر كان أحسن دليل على أن الاتحاد يسير في الاتجاه الصحيح وقد تم تنقيح القانون الأساسي وشروط الانخراط ولم يعد من مجال لانضمام عشوائي أو أصوات للدفاع عن حزب بعينه. وتعتبر أن المرأة التونسية هي التي ستغير المشهد وتحفظ البلاد. ورغم كل مآسي الاتحاد وواقعه المشتت فهي ترفض الفكرة القائلة بأن المرأة التونسية مهددة وتشدد على أن لديها من القوة والشجاعة ما لا يمكن المس به. وماذا عن استقلالية الاتحاد واستقلالية مواقفه وخياراته؟ تشير رئيسة الاتحاد الوطني للمرأة أن كل الصراعات والقضايا التي خاضها الاتحاد حتى الان كانت موجّهة أساسا لضرب استقلاليته بعد أن أعلن رفضه دخول بيت الطاعة والانضواء تحت مظلة أي كان وقد دفع بالتالي الثمن طوال العامين الماضيين من التهميش والمحاكمات, وكشفت أنه تم خلال الفترة الماضية مصادرة 15 مقرا للاتحاد من طرف سلط جهوية أو جمعيات قرانية أوعمد أو أشخاص سلفيين أوغيرهم كما تم حرق عديد المقرات والاستيلاء على مساعدات تم جمعها في بنزرت لفائدة العائلات المعوزة خلال العودة المدرسية, وتؤكّد أن أعوان الاتحاد معاقبون اليوم ولم يحصلوا على أجورهم منذ سبعة أشهر وذلك بالرغم من ادراج ميزانية الاتحاد ضمن ميزانية 2012 وصدر أمر بصرفها وتم فعلا صرف قسطين وتم إيقاف القسط الثالث. وتشير الى أن الاتحاد دفع ثمن تمسكه باستقلاليته مرة ثانية باعتبار أن ميزانية 2013 مدرجة ولكن لم يتم تسليمها للاتحاد وتعتبرالمحامية راضية أن الإصرارعلى استقلالية الاتحاد ورفض التعامل مع الأحزاب وراء هذا العقاب. وتقول صراحة "لا نتعامل مع الأحزاب ونريد الإفصاح برأينا بقوة خاصة عندما يتعلق الامر بحقوق المرأة وهذا أمر لا يعجب أحد". ولا تخفي مسؤولة الاتحاد وجود خلافات حادة مع وزيرة المرأة التي أصرت على حل الاتحاد. وفي هذا الاطار تشير الى أن الاتحاد كان يتمنى لو أن الوزارة بادرت بدلا من ذلك الى مواجهة القضايا التي طالب بمنحها الاهتمام الذي تستحق مثل رياض الأطفال وحادثة اغتصاب طفلة والتي تعد بمثابة اغتصاب للطفولة ومقاومة المظاهر السلبية صلب المجتمع, وأشارت الى سلبية وزيرة المرأة في التعامل مع الطلبات التي توجهت بها رئيسة الاتحاد للقائها وأنها صدمت بتصريحاتها المسجلة في وسائل الاعلام بأنها لا تريد معرفتها. وتقول راضية الجربي أن الكثير من المسؤولين اليوم لم يفهموا أن الاتحاد لم يولد اليوم بل منذ 1956 وأنه كان يعمل منذ 1936 قبل حتى حصوله على التأشيرة في 1936 وأنه بالتالي جزء من تاريخ تونس. وتشير رئيسة الاتحاد أن كل المحاولات لتركيع المنظمة لم تفلح بل زادت من عدد أنصاره وتمسكهم باستقلاليته ليواصل العمل مرفوع الرأس. وكشفت أنه تم بعث خلية انصات لمساعدة العائدات من سوريا ممن وقع التغرير بهن وأن هناك قضاة وأطباء نفسيون تطوعوا لتقديم المساعدة المطلوبة. وتشير الى أن صورة الاتحاد قبل الثورة كمنظمة تجمعية في خدمة النظام قد انتهت أنه لا مجال لتلك الصورة المسيئة للمرأة التونسية بعد اصلاح الاتحاد ليعود الى تحقيق أهدافه الاصلية. مظاهر خطيرة عن دور الاتحاد في الحد من المظاهر الخطيرة تقول محدثتنا ان ما يروج اليوم في مجتمعنا من أخبار حول ظاهرة الزواج العرفي في الجامعات أو جهاد النكاح يبقى نتيجة للفقر واليأس والظروف الاجتماعية القاسية بالدرجة الاولى, وقد صدم التونسيون بعد الثورة بأن25 بالمائة من التونسيين يعيشون تحت خط الفقر وأن نسبة الامية في القيروان على سبيل الذكر وعي مدينة العلم بلغت47 بالمائة وتصل في بعض المناطق المهمشة الى57 بالمائة واعتبرت أن الفقر والجهل والمخدرات في المناطق الداخلية وراء انتشار الكثير من المظاهر التي كان الجميع يعتقدون أنها لن تعود الى تونس, واعتبرت أنه قد يبدو في كثير من الأحيان وكأن تونس لا تزال تعيش أجواء الاستعمار بين معاهد شرعية وأخرى لائكية بعد أن بات المحظور مبررا بغطاء ديني مكشوف. الاتحاد والسياسة تشير راضية الجربي الى أن الاتحاد يواصل النضال والعمل في صمت ويسعى لاعادة تنظيم هياكله في الجهات وخاصة في الريف وتصر على أن الاتحاد منظمة جماهيرية وليس جمعية نخبة ومن هذا المنطلق فان الاتحاد يسعى الى استحداث تجارب لتكوين الشباب من الجنسين لمواجهة الانقطاع المبكر عن التعليم والتقليص من الفقر وتعتبر أن المظاهرة النسائية في عيد المرأة في13 أوت كانت بمثابة الإنذار ومظهر من مظاهر قوة المرأة التونسية ورفضها العنف والإرهاب. وخلصت الى أن الاتحاد سيكون له دوره في توعية المرأة في مختلف المناطق النائية للدفاع عن مكاسبها وتأكيد موقعها وخياراتها في الانتخابات القادمة...