بقلم: عبد السلام لصيلع (1) أستاذنا الدكتور محمد اليعلاوي الذي رحل أستاذنا الدكتور محمد اليعلاوي الذي توفي في الأسبوع الماضي يرحمه اللّه رحمة واسعة لو كان مغنيا أو راقصا أو لاعب كرة قدم أو مغنية أو راقصة لقطعت البرامج العادية التلفزيونية والإذاعية وقدمت على الفور مباشرة برامج خاصة تمدح وتمجّد، وتنظم موائد مستديرة وندوات استثنائية.. أما الأستاذ الدكتور محمد اليعلاوي، العلامة والباحث والجامعي والأديب واللّغوي والناقد والمؤرخ والمترجم وعميد كلية الآداب الأسبق ووزير الشؤون الثقافية الأسبق والنائب البرلماني الأسبق، وغير ذلك كثير، فلا يقع الإهتمام به بعد وفاته التي مرّت في الصمت ولم يكترث به هؤلاء المهرّجون اليوم في المحطات الإذاعية والتلفزيونية لأنهم لا يعرفون عَلمًا اسمه الدكتور محمد اليعلاوي ولم يسمعوا عنه ولا يستطيعون ذكر عنوان واحد من كتبه القيمة.. وحتى طلبته وزملاؤه وأصدقاؤه صمتوا وكأنه لم يكن صاحب أفضال عليهم (!). ولكن العيب في من؟ فيهم أم في هذه المرحلة التي غيّبت الثقافة والمثقفين والعلم والعلماء والإبداع والمبدعين ورجال تونس الأفذاذ الذين ساهموا كلّ من موقعه في بناء تونس العزيزة المهدّدة بالاخطار والانهيار لا قدر الله ؟!. كان الراحل الكبير الدكتور محمد اليعلاوي متعدد المواهب والمعارف والاهتمامات خدم بلاده وأجيالها على الوجه الأكمل.. عاش 86 سنة أمضى أغلبها في العلم والمعرفة والفكر والعمل الوطني.. وكان متواضعا رغم مظهره الذي يوحي لمن لا يعرفه بالصرامة والحزم.. وكان صاحب نكتة ومواقف طريفة نادرة من ذلك ما زال الناس يذكرون أنه عندما كان وزيرا للشؤون الثقافية في نهاية السبعينات من القرن الماضي ولمّا كان عائدا من جندوبةمسقط رأسه الى العاصمة، تعطلت سيارته في الطريق فأوقف شاحنة كانت وجهتها العاصمة فطلب من سائقها هل بالامكان أن يركب معه؟.. وكان الأمر كذلك ولم يكن يعرف سائق تلك الشاحنة أن الذي ركب الى جانبه وقطع معه بقية المسافة بين جندوبةوتونس العاصمة هو وزير الثقافة.. فهل فعل ذلك وزير سابق أو لاحق من مئات الوزراء الذين ظهروا في تونس منذ فجر استقلالها الى اليوم؟! وقد ترك الدكتور محمد اليعلاوي مجموعة من المؤلفات القيّمة، نذكر من أبرزها هذه العناوين: 100 نصّ عربي و100 فرنسي، مع الترجمة المقابلة. ابن هانئ المغربي الأندلسي شاعر الدولة الفاطمية. تاريخ لخلفاء الفاطميين بالمغرب (قسم من كتاب عيون الأخبار للدّاعي إدريس عماد (الدين). الأدب بافريقية في العهد الفاطمي. كتاب المقفّى الكبير (تراجم من الفترة العبيدية) للمقريزي. ديوان الشيخ ابراهيم الرياحي كتاب المقفّى الكبير (أو التاريخ الكبير) للمقريزي. أشتات في اللّغة والآداب والنقد. كتاب المجالس والمسايرات للقاضي النعمان (بالاشتراك مع الحبيب الفقي وإبراهيم شبوح) تونس المسلمة. في شهر ماي 1992 تمّ تكريم الدكتور محمد اليعلاوي في لقاء احتفالي مفتوح مع المثقفين والأدباء في معرض تونس الدولي للكتاب (الدورة الحادية عشرة). ومازلت أذكر أن ذلك اللقاء التكريمي الذي شهد حوارا مفتوحا مع الدكتور محمد اليعلاوي، كان تاريخيا لا ينسى من حيث عدد الحاضرين الكبير والمضمون الثري عندما كان معرض تونس الدولي للكتاب حدثا ثقافيا رائعا وعندما كانت نشاطاته الثقافية متميزة. وفي مقدمة الذين شاركوا بشهاداتهم في ذلك اللقاء التكريمي للدكتور محمد اليعلاوي الأساتذة محمد الطالبي وحمادي الساحلي وأبو القاسم محمد كرّو وسعد غراب وجمعة شيخة وصالح بن رمضان.. ومما كان قاله الراحل الأستاذ أبو القاسم محمد كرّو في صديقه الراحل الأستاذ محمد اليعلاوي يوم تكريمه قبل 23 سنة: «إن تكريم الأستاذ محمد اليعلاوي هو مناسبة فريدة متميزة، حيث أنجز لأول مرّة في تونس تحقيق أكبر موسوعة في تراجم الأعلام أصدرت بتونس، أعني كتاب «المقفّى الكبير» للعلامة المقريزي المتوفي سنة 845 /1441. ان هذا الكتاب الضخم الذي صدر في 8 مجلدات كبار جمعت 3600 ترجمة في 5674 صفحة لهو إنجاز علمي مبهر وصرح فني وأدبي كبير ازدانت به المكتبة العربية وشمخت به تونس في عالم الطباعة والنشر، وازدهر به معرض تونس الدولي للكتاب في دورته الحادية عشرة. ولئن كانت جميع انجازات وتحقيقات الأستاذ اليعلاوي رائعة ومتميزة فإن تحقيقه لموسوعة المقريزي قد كان تتويجا لانجازاته الكثيرة في تحقيق التراث، كما كان وساما تاريخيا وعلميا له ولناشره الحاج الحبيب اللمسي، على حدّ سواء، إن اللقاء التكريمي الخاص بالاستاذ اليعلاوي والمنطلق من هذا الإنجاز وهذه المناسبة هو في أدنى معانيه رمز صغير لما يجب له وما يستحقه من تنويه وإشادة ومن اكبار خاص وتقدير فائق ومن وفاء وعرفان هما تمهيد وإشارة لما ينبغي أن يكون وما يجب أن يحاط به هذا الانجاز وصاحبه من تكريم أوسع وعرفان أعمق وأشمل وأبقى». هذا شيء قليل جدا مما يمكن أن يقال في الدكتور محمد اليعلاوي بعد رحيله.. وسيبقى في ذاكرة من عرفوه.. وخاصة في ذاكرة التاريخ الذي ينصف العظماء ولو بعد قرون. (2) الشاعر عزالدين ميهوبي وزير الثقافة الجزائري في تونس زار تونس في الأسبوع الماضي الشاعر عزالدين ميهوبي وزير الثقافة الجزائري مدعوا من قبل مركز تونس لجامعة الدول العربية الذي استضافه في فضاء «بيت العرب» في سهرة ثقافية جميلة ليلة الجمعة الماضي بحضور سفراء وأدباء ومثقفين وإعلاميين. افتتح الدكتور عبد اللّطيف عبيد الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية رئيس مركز تونس هذه السهرة الثقافية الرّمضانية بكلمة رحّب فيها بالحاضرين وقدّم الضيف بأنه «شاعر وأديب متألق ووزير متميز، دعوناه فجاء ليحدّثنا عن الثقافة العربية في الجزائر». وقد عبّر الأستاذ عزالدين ميهوبي عن سعادته لوجوده مرّة أخرى في تونس عن مساندة الجزائرلتونس في كلّ الظروف. وقال في محاضرته إن «الدكتور محمد صالح الجابري هو أكثر الناس الذين أرّخوا للثقافة العربية في الجزائر وحافظوا على ذاكرتها». وأبرز الوزير التقارب الثقافي التونسيالجزائري والقواسم المشتركة في ذلك بواسطة العديد من الأعلام مثل ابن خلدون وابن رشيق القيرواني ومحمد الخضر حسين، وغيرهم...مؤكدا على دور جامع الزيتونة وأثره الكبير في نشر الثقافة العربية في الجزائر. ولاحظ أن الثقافة العربية تشق طريقها بنجاح في الجزائر وقال إن «للجزائر أبعادا ثقافية عربية وأمازيغية تركت آثارها في كتابات الكثير من الأدباء والمبدعين الجزائريين». وبين أن «ملامح الثقافة العربية في الجزائر بدأت تظهر وتتبلور مع هجزة الأندلسيين من الأندلس عام 1492 اثر سقوط غرناطة». وقال إن عودة الدارسين الجزائريين من جامع الزيتونة وجامعة القرويين وجامع الأزهر والحجاز كانت العنصر الأول والأكبر في نشر اللّغة العربية والثقافة العربية في الجزائر والمحافظة عليهما بعد ذلك ضد الفرنسية في عهد الاستعمار الفرنسي، بفضل جهود العلماء والمفكرين الجزائريين وخاصة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين. وأكد وزير الثقافة الجزائري أن الثقافة العربية لا خوف عليها في الجزائر. وفي تعقيبه على تساؤلات عدد من من الحاضرين، لاحظ الوزير أن الثقافة العربية انتصرت في الجزائر رغم محاولات الاستعمار الفرنسي التي فشلت في محو هذه الثقافة وفي القضاء على اللغة العربية، وقال: «على عكس المتشائمين أنا متفائل بمستقبل اللغة العربية لأننا كعرب علينا أن لا ننظر إلى لغتنا نظرة تجزيئية.. ولأننا لا نستعمل اليوم إلا 0،04 بالمائة من معجم اللغة العربية الذي يتشكل من 12 مليون و354 آلف كلمة، وتكفي الانسان 3 آلاف كلمة ليتواصل مع الآخر و6 آلاف كلمة ليعبر و12 آلف كلمة ليفكر.. وإن اللغة العربية تتطور لتكون منسجمة مع العلوم الحديثة في العالم». وأعلن عزالدين ميهوبي أنه سوف يقع تنظيم مهرجان شعري بين شعراء جزائرين وتونسيين قريبا في الجزائر تضامنا مع تونس ضد الارهاب. وتناول الكلمة سعادة الأستاذ عبد القادر حجّار سفير الجزائر لدى تونس فاشاد بخصال الوزير عزالدين ميهوبي وقال عنه إنه من «رموز المناضلين الجزائريين من أجل عروبة الجزائر». وذكر بأن «فرنسا عندما دخلت الى الجزائر ركزت على هدم ركيزتين أساسيتين من ركائز الجزائر هما اللغة العربية والدين الإسلامي ومحت كل معالم الثقافة العربية الإسلامية في الجزائر». ونوّه بدور جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في حماية عروبة الجزائر و«دينها الإسلامي». وأكد بالمناسبة على عمق العلاقات الأخوية بين تونسوالجزائر. واختتم اللقاء الثقافي بقراءات شعرية للشعراء عزالدين ميهوبي والمنصف الوهايبي والمنصف المزغنّي. (3) «أمّ حامد»، رواية جديدة للأستاذ مصطفى الفيلالي في الأسبوع الماضي زرت المناضل والأديب والمفكر الأستاذ مصطفى الفيلالي في بيته، وأهداني نسخة من روايته الجديدة التي تحمل عنوان «أمّ حامد» التي صدرت في بيروت مؤخرا عن مركز دراسات الوحدة العربية.. وهي في 194 صفحة من الحجم المتوسط... وسبق للأستاذ مصطفى الفيلالي أن أصدر الكتب التالية: دراسة عن توصيف العشائر البدوية بالمملكة العربية السعودية (1962) دراسة عن العشائر البدوية بالجنوب التونسي (1964) الصحوة الدينية الإسلامية والتحديات الإقتصادية والإجتماعية (1980) المغرب العربي الكبير، نداء المستقبل (1989) مجتمع العمل في الأدبيات الاقتصادية وفي الفكر الإسلامي (2006). مانعة من أيام قرية الجبل (قصّة 2004) موائد الانشراح (رواية 2010) بالمناسبة نهنئ الأستاذ مصطفى الفيلالي الذي صادف يوم الأحد الماضي 5 جويلية عيد ميلاده الرابع والتسعين، فهو من مواليد 5 7 1921 بمدينة نصر الله.. متّعه الله بمزيد الصحة والخير والسّؤدد». (4) كلمات من ذهب يقول أرسطو: «السعادة تكمن في الحكمة، ولا يوجد سعيد في العالم إلاّ العاقل» (5) بين تونسوبغداد يقول معروف الرّصافي (1925): أتونس إن في بغداد قوما ترفّ قلوبهم لك بالودادِ ويجمعهم وإيّاك انتسابٌ