قرر الإتحاد العام التونسي للشغل في هيئته الإدارية التي عقبت أحداث ساحة محمد علي الإضراب العام يوم 13 ديسمبر القادم. وان اختلفت الآراء والمواقف حول قرار المنظمة الشغلية بين مؤيد ورافض وناقد فإنّ هناك إجماعا على أن هذا الإضراب إذا نفّذ سيكون له ثمن اقتصادي وربما عائدات سياسية من حيث إعادة تموقع بعض الأحزاب والمنظمة في حد ذاتها في المشهد السياسي ، خاصة أن منتقدي الإضراب وحركة «النهضة» بالتحديد ترى في اختيار هذا التاريخ أكثر من دلالة رمزية تحيل على «الخميس الأسود» في شتاء 1978 الذي تحول إلى مواجهات بين الأمن والنقابيين أسفرت عن سقوط العديد من الضحايا و دخول العلاقة بين الاتحاد بقيادة الحبيب عاشور والسلطة في منعرج تاريخي . «التونسية» بحثت في الكلفة الإقتصادية للإضراب العام وانعكاساته على الناتج الداخلي الخام والمناخ الاستثماري في الوقت الذي يتأهب فيه الاقتصاد الوطني لإقفال السنة بنسبة نمو تقارب ال3 بالمائة. وأكد الخبير الإقتصادي معز الجودي في هذا الصدد أنه لا يمكن النظر في كلفة الإضراب العام بمعزل عن الواقع السياسي لأن الوضع الإقتصادي منذ انطلاق الثورة في ارتباط وثيق بالوضع السياسي ، مشيرا إلى أن التجاذبات السياسية تصلح للبناء الديمقراطي ولإرجاع المسار إلى طريقه وبالتالي اجبار السلطة على الالتزام بالأجندة السياسية التي تعتبر مربط الفرس باعتبار أن الفاعلين الاقتصاديين والمستثمرين في حاجة إلى رسائل طمأنة تخرجهم من الضبابية الحالية . الجودي قال إن الأثر السلبي للإضراب يتمثل في حرمان الاقتصاد من عائدات يوم كامل من المنتجات والخدمات والقيمات الإضافية باعتبار أن هذه العائدات هي المكون الأساسي للناتج الداخلي الخام والذي يوظف بدوره في احتساب نسبة النمو الثلاثية والسنوية مشيرا إلى أن ناتجنا الداخلي الخام يناهز حاليا 45 مليار دولار وعليه فإن فقدان يوم عمل بسبب الإضراب سيكلف الدولة خسارة ب نحو 700 مليون دينار حسب بعض الدوائر الرسمية . غير أن اشتراط الاتحاد وضع خارطة طريق واضحة يمكن أن يحتسب حسب الخبير معز الجودي كنقطة إيجابية لصالح الاقتصاد الوطني ناهيك أن الاستثمار شبه متوقف حاليا منذ سنتين في غياب الاستقرار السياسي والأمني ومناخ الثقة الذي تبحث عنه رؤوس الأموال الأجنبية. وأضاف الجودي متحدثا عن مناخ الاستثمار أن رؤوس الأموال الأجنبية ترفض الانتصاب في دول يغيب فيها الإطار التشريعي و ليس لها دستور منبها من عمليات تبييض الأموال التي يمكن أن تتسلل تحت غطاء الاستثمار الأجنبي . ويشار إلى أن اتحاد الصناعة والتجارة سبق أن نبه إلى تأثير الاحتقان السياسي على صورة تونس في الداخل والخارج وعلى استقرار المؤسسات التي لم تعد تتحمّل الضغوطات المسلّطة عليها والتي تهدّد في غالب الأحيان بتسريح العمال وفقدان مواطن الشغل في الوقت الذي تشكو فيه البلاد من ارتفاع مهول في نسبة البطالة.