أبو مازن ليس انصافا لرئيس تونس المنتخب الذي أخلف في عدد من الوعود التي قطعها على نفسه أيام الحملة الانتخابية ولا انصافا للائتلاف الحاكم الذي يترنح في مواجهة الفساد المالي والاداري الذي قتّم صورة تونس، ولكن نظرة متبصرة لوضع اقليمي تشتد فيه المصائب حولنا ويكيد الأعداء لهذا البلد الامين، تجعلني أشفق على الرئيس و البرلمان والحكومة وكل مسؤول عاشق ولهان بكرسي الحكم و حالم بالإنجاز أثناء حملته الانتخابية ثم مصطدم بواقع مرير وعقلية أمرّ و اعلام باع الحرية بملاليم زهيدة تأتيه من الخارج و الداخل ليبث رعبا وقتامة في ذهن التونسي المغلوب على أمره. تابعت أجوبة بابا الباجي على اسئلة الصحافيين "المتخصخصين" فكانت في مجملها واضحة وجلية تعلن للعموم أن الطريق قد انطلق نحو ديمقراطية حقيقية ولو بخطى بطيئة ويد فارغة. كانت الاجابات بديهية و واقعية اذ تبين مدى احترام الرئيس لدستور الجمهورية الثانية فكثيرا ما استنجد بنصوصه التي تحدد مدى فعله و مواقع قراره ولكن المتخصخصين جاهلون بطبعهم لما كتب منذ سنتين فهم صناعة عهد التغرير الذي كوّنهم و رسكلهم و "هبّب" ذوقهم الصحفي اذ لا يعرفون محدودية لدور الرئيس فهو عندهم الفاتق الناطق يحكم كما يهوى ويرى دون قيود دستورية ولا تناغم مع السلط التشريعية والقضائية. حدثوه عن تنقيح الدستور وحبره لم يجف بعد و حدثوه عن عزل أو تغيير رئيس الحكومة و كأننا نعيش أوائل سنين الألفين أين كانوا يمجدون ويذكرون فيشكرون و ينالون العطايا ثم يحتسون. حدثوه عن قرب موعد الاحتجاجات الربيعي "هكذا سموه دون زيادة أو نقصان" اذ أن حالة الغليان الشعبي و حركات الاحتجاج بدأت تتشكل في عديد المناطق فعرفت انهم مأمورون من جبهة الخراب بخلق مناخ يأس و حيرة قد تسهّل اشعال الفتيل من جديد. حدثوه عن الارهاب والنقاب وعن بنقردان فأطنبوا في التوصيف رغم استحسان مجمل الدول تدخل قواتنا المظفرة ودحر شرذمة الدواعش في أرض الجنوب الصامد. نسوا عمدا ان مجمل الدول تعترض لهجمات ارهابية قد تؤدي الى عديد الضحايا كما وقع في بلجيكا وفرنسا و تركيا و غيرها من الدول ولكن صحفيونا يقتاتون من ربط التدين بالإرهاب فلما الاستغراب؟ وفي الأخير كانت الاطلالة على السياسة الخارجية ومحاولة توريط الوطن في مواقف لصالح فلتان أو علان. لقد أكّد الصحفيون المتخصخصون على مسائل تثير الارباك كتصنيف حزب الله و علاقات تونس بكل من تركيا وقطر، تلك الاسطوانة المشروخة التي لم يسأموا منها رغم كل ما حدث و رغم تقلب الموازين بين طرفي اليسار واليمين و وسطيهما. قضايا وهمية لا يزيد ذكرها الا مزيدا من التدخل الخارجي في سياساتنا التي لا تكاد تنجو من براثن سنور حتى يصيبها ضبع من الضباع بمخالبه. حقا لا ذنب للمشرفين على الاعلام النوفمبريو وكالة الاتصال الخارجي السيئة الذكر أيام المخلوع أمام ما يفعل هؤلاء فهم يواصلون السير على خطاهم ونهجهمو ما يحتوي من تشنيع و ترويع لكل من يخالف ايديولوجياتهم دون التميز بميثاق الاعلامي الذي يجعله صادقا في نقل الخبر و متحرّيا في صحة وقوعه و محللا له وفق ضوابط أخلاقية، ديدنه في ذلك صلاح الحال و ممارسة دور النصوح للسلطة و المنبه باحتياجات المواطن قبل أن تصدر احتجاجاته. نفس اعلام الشؤم الذي كاد للترويكا واليوم يكيد للائتلاف الرباعي و سيكيد حتما للجبهة و أخواتها لو تسلمت يوما ما "ديمقراطيا" السلطة، فهم لم ولن يرضوا على الساسة الذين لا يرعون مصالحهم و يستحسنون اجنداتهم و سيظلون ينتظرون عودة فارسهم الأسود "فك الله غربتو" على رأي بعض فقهاء السياسة. Publié le: 2016-03-31 14:39:49