المتابع للبلاغ الاخير الصادر عن دائرة الإعلام برئاسة الجمهورية حول تغطية التلفزة الوطنية للنشاط الرئاسي يلاحظ و دون عناء الأهمية التي توليها رئاسة الجمهورية لهذا الشأن و للتواصل الإعلامي مع محيطها بشكل عام بدرجة دفعها إلى إبداء انزعاجها الشديد من تغطية قسم الأخبار لزيارة السيد المنصف المرزوقي إلى ولاية سليانة مما دفع الرئيس المدير العام للتدخل و بث كامل التقرير المبعوث من قبل فريق التغطية الرئاسي في شكل وثائقي يدوم أكثر من 20 دقيقة. استحسان بلاغ دائرة الإعلام لهذا الأمر لم يمنع طرح عديد التساؤلات من قبل المهنيين خاصة الذين اعتبروا ذلك تدخلا في الخط التحريري للقناة خاصة و أن بث النشاط بتلك الطريقة و بعد انزعاج الفريق الإعلامي لرئاسة الجمهورية أوحى للبعض باسترجاع ذكريات ماضي ليس ببعيد كان فيه ساكنو قصر قرطاج يتحكمون مباشرة في التلفزة الوطنية و يقررون مسارها ومحتواها و حتى توقيت بث بعض برامجها و يعينون كذلك من نال رضاهم و يعزلون من لسعته نيران غضبهم ،هذا الاستحضار و لئن يبدو متشددا و ظالما فالمقارنة غير جائزة في كل الحالات فإنه يجد ما يدعمه تباعا للأخبار الواردة من كواليس التلفزة الوطنية حول تجاذب حاصل بين الفريق الجديد المكلف بالتغطية التلفزية للنشاط الرئاسي و الفريق القديم الذي لازم قصر قرطاج لسنوات عدة و نال منه حتى الأوسمة الذهبية على الخدمات المقدمة ، علما و أنه بعد الثورة تم تغيير أغلب عناصر الطاقم القديم باستثناء تقني أو اثنين نجوا بفضل دعم مباشر من أحد المستشارين بتعلة الحاجة للخبرة و التواصل مع الفريق الجديد . هذا التجاذب بلغ أوجه بعد اتصال إدارة التلفزة لاتهامات ضد الناجين من حملة التغيير بالتقرب من المستشارين و إرادة دفعهم لاسترجاع نفوذ الماضي القريب على التلفزة الوطنية و التنسيق معهم كذلك لاستعادة بقية الفريق المبعد بعد الثورة و هو ما تأكد فعلا بعد الجلسة التي جمعت الرئيس المدير العام للتلفزة الوطنية مع عاملين بدائرة الإعلام بقرطاج في الشهر الماضي وموافقة دائرة الثقافة والصورة لرئاسة الجمهورية بتاريخ 21 فيفري على مقترح من التلفزة بعودة أحد العناصر القديمة لفريق التغطية بنفس تعلة الخبرة والتواصل علما وأن المقترح صادر عن أحد المكلفين السابقين بتنسيق التغطية في قصر قرطاج و دون مراجعة المسؤول المباشر المعني بالأمر . إذن خلاصة الأمر أن العوامل متوفرة لإعادة سلطة الماضي إذا وجدت الإرادة لذلك أو لم يقع الانتباه إلى الخيط الرفيع الموجود بين حق الإعلام والتغطية في المرفق العمومي واحترام استقلالية الخط التحريري للتلفزة الوطنية والتي يحدده أبناءها وفق ضوابط المهنة و العمل الصحفي ، فهل تتوضح الرؤية لدى القائمين على شؤون الإعلام برئاسة الجمهورية و يتبين لهم الفرق بين محاسن الطموح ومساوئ الخبرة.