اعتبر علي العريض في ندوة صحفية عقدها بداية الأسبوع ان السبل المثلى للخروج من الأزمة السياسية التي تمر بها البلاد تتركز على محاور عودة المجلس الوطني التأسيسي للعمل المكثف والالتزام بخريطة طريق تمكنه من الإسراع في استكمال كتابة الدستور وإصدار القانون الانتخابي وحسن الإعداد للانتخابات الرئاسيّة والتشريعيّة وذلك في أفق 23 أكتوبر 2013 . وأشار العريض الى ضرورة مواصلة عمل رئاسة الجمهوريّة باعتبارها رئاسة كل التونسيّين وتواصل اداء الحكومة الحالية لمهامها بكامل صلاحيّاتها وتكثيف نشاطها والسعي إلى مزيد إشاعة الأمن وبسط الاستقرار ومكافحة الإرهاب وفق ما تفرضه متطلّبات الوضع الرّاهن وما تستوجبه مقتضيات المرحلة المقبلة سواء على الصعيد الوطني أو الإقليمي أو الدولي واقترح العريض أن يتزامن ذلك مع الانطلاق في حوار وطني حول «حكومة كفاءات» تتسلّم مهامها المتمثلة في الإشراف على إنجاز انتخابات حرّة ونزيهة وشفافة وذلك عندما تكون البلاد مهيّئة تماما بعد استكمال الدستور وإصدار القانون الانتخابي، لتنجز الانتخابات المرتقبة. اما بخصوص استقالة الحكومة فقال ان هذا الأمر غير مطروح في هذا الظرف الذي تستدعي فيه البلاد الوقوف من أجل مكافحة الإرهاب وتهدئة الأوضاع محذرا من مغبة السير الى المجهول والى عدم مسايرة الداعين الى الفراغ حسب رأيه وهو نفس الرأي الذي يروجه أنصار «الشرعية». الفراغ وأن يروج أنصار «الشرعية» الى أن استقالة الحكومة الحالية سيؤدي الى الفراغ السياسي فان ذلك غير صحيح، أو ينم عن عدم دراية بأن الاستقالة لا تؤدي بحال من الأحوال الى الفراغ، فان استقالة الحكومات تحتم بقاء المسؤولين السياسيين بمن فيهم الوزراء في مواقعهم الى أن يسلموا مهامهم الى زملائهم الجدد، وهو مبدأ معروف ومعمول به لتواصل عمل المؤسسات. من جانب اخر، فان يروج أنصار الحكومة الى أن كل من يدعو الى اسقاط الحكومة الحالية مغامر وما الى ذلك، يكفي فقط تذكيرهم بأن سقوط النظام بأسره بعد فرار المخلوع لم يمنع من تواصل عمل مؤسسات الدولة وأجهزتها، والمغامرة الحقيقية والقفز الى الأمام هو تواصل عمل حكومة لأنها وبباسطة لا تحظ اليوم باجماع وطني كما أنها فشلت في تحقيق المطلوب منها. المهام الواجبة وتعلل علي العريض بأن مواصلة عمل الحكومة مقترن بمهام واجبة وعاجلة اليوم، فان ذلك يؤكد على أن هناك ملفات عاجلة يجب حلها فورا ولكن ذلك لا يقترن بالقوة بتواصل عمل الحكومة الحالية، فان الملف الاقتصادي والأمني تعد ملفات طارئة منذ 14 جانفي الى اليوم. فأن نتحدث عن خطر الارهاب، فان هذا الخطر تصاعد كثيرا وأصبح خطيرا وتهديده مباشر زمن عمل هذه الحكومة، غير أن الارهاب الذي كان أيضا يحوم حول التراب التونسي ويتربص بالتونسيين زمن عمل حكومة الباجي قائد السبسي أو زمن بن علي. ومنطق الاستمرارية في الخطأ، والاستمرارية في الذهاب الى المجهول بقيادة الحكومة الحالية هو الذي يجب أن يوقف فورا، فعمل الحكومة الحالية واداؤها الضعيف هو استمرارية لعمل حكومة حمادي الجبالي مع تحويرات جزئية في المناصب الحكومية واستمرار أبرز الأسماء الحزبية في مهام كبيرة وخطيرة على عاتقهم. مؤسسات تعمل دون الحكومة الحالية أو غيرها، ورغم أن الارادة السياسية جاءت متأخرة كثيرا الا أن الأجهزة الأمنية والدفاع كانت جاهزة للتصدي لمظاهر انتشار الغلو والارهاب والسلاح، ولم ينطلق العمل الحاسم إلا لما هاج الرأي العام وحث هذه الحكومة على اتخاذ قرارات ومواقف واضحة عملية تترجم نوايا وارادة سياسية صادقتين للتصدي لهذه الظاهرة الخطيرة. من ناحية أخرى ورغم أن الحكومة الحالية لم يظهر وزراؤها حنكة ولم يأتوا باستراتيجية واضحة وخارطة طريق عملية للتصدي لخطر الارهاب فان الأجهزة الأمنية والعسكرية بقيت حذرة وتمكنت من متابعة المشتبه بهم والتفطن الى بؤر التوتر والخلايا النائمة ومخططات الارهابيين بعمل مؤسساتي لا علاقة له باداء الحكومة. وبالعكس، فان التأخر في اتخاذ قرارات حاسمة تجاه التهديدات الارهابية كان معرقلا للأجهزة الأمنية والعسكرية في عملها على التصدي للارهابيين، كما كان عائقا أيضا أمام ايجاد حلول عاجلة لوقف نزيف ارتفاع الأسعار وانقاذ الاقتصاد الوطني من الأزمة الخانقة التي يمر بها. فشل وعودة للمهام التي طرحها العريض على عاتق حكومته اثر تشكيله للحكومة الحالية على أنقاض حكومة حمادي الجبالي يؤكد على فشل الحكومة في انجاز ولو جزء بسيط من هذه المهام. حيث أكد العريض مقدما حكومته أمام المجلس الوطني التأسيسي التزامها بتهيئة الظروف المناسبة لإجراء الانتخابات في أسرع وقت مع الإسراع بسن قانون انتخابي يضمن انتخابات نزيهة. كما التزم العريض ببسط الأمن و مقاومة الجريمة و العنف و شدد على انه من أهم ركائز الديمقراطية و الانتقال السلمي و ضمان الاستثمار الاقتصادي. أما النقطة الثالثة فتتمثل في النهوض بالاقتصاد و مقاومة ارتفاع الأسعار مشددا في هذا الخصوص على أن الحكومة ستبذل قصارى جهدها لتحسين الاقتصاد و الحفاظ على التوازنات المالية و إدخال إصلاحات جذرية على المنظومات المالية و النقدية إضافة الى الضغط على الأسعار التي أرهقت جيب المواطن و خاصة محدودي الدخل منهم كما أكد على أن الحكومة ستصعد دور المجلس الأعلى للدفاع عن المستهلك. كما تعهد بمواصلة الإصلاح و مقاومة الفساد و تفعيل العفو التشريعي العام و النظر في ملف الشهداء و الجرحى و أن الحكومة رغم ذلك ستبذل ما في وسعها لمقاومة الفساد من خلال إصلاح المنظومات القضائية و العدلية واسترجاع الأموال المنهوبة . حلول واضحة من جانب اخر، فإنّ المنظمات الأربع الراعية للحوار الوطني، الاتحاد العام التونسي للشغل والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية وعمادة المحامين والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان تؤكد وقوفها على حقائق الأزمة السياسية الخانقة التي تمر بها البلاد وتداعياتها الإقتصادية والاجتماعية والأمنية والتي تنبئ في حال الاستمرار بالأسوإ و تؤكد أنّ القبول بالمبادرة الوطنية المطروحة للحوار يقتضي الإعلان الصريح عن استقالة الحكومة والإبقاء على المجلس الوطني التأسيسي وتحديد مهامه وسقفه الزمني والدخول في التفاوض ضمن إطار محدد من حيث الزمن والإجراءات بما يضمن نجاحه وجديته. و تذكر المنظمات الأربع بخطورة الوضع العام بالبلاد وحساسيته بما يقتضي تحمّل كافة الأطراف السياسية والمجتمعية لمسؤولياتها التاريخية.