عرفت تونس خلال العشرية الأخيرة العديد من التحويرات على رأس الدولة، سواء على مستوى الحكومات أو على مستوى الوزارات، حيث تم تغيير 8 رؤساء حكومة في تسع سنوات وإعفاء وإقالة العديد من الوزراء. وآخر هذه الإعفاءات تمت أمس الأحد مع وزير البيئة والشؤون المحلية مصطفى العروي الذي تم إعفاؤه بعد فضيحة النفايات التي تم توريدها من إيطاليا، وكان قرار رئيس الحكومة هشام المشيشي بمثابة رفع الحصانة عن العروي الذي قرر القضاء اليوم في محكمة سوسة الاحتفاظ به مع عدد من مسؤولي وزارته بينهم مدير ديوانه ومدراء عامين. وقال بيان صادر عن رئاسة الحكومة الأحد: "قرر رئيس الحكومة هشام المشيشي إعفاء وزير الشؤون المحلية والبيئة مصطفى العروي من مهامه وتكليف وزير التجهيز والإسكان والبنية التحتية كمال الدوخ بالإشراف على وزارة الشؤون المحلية والبيئة بالنيابة". وعرفت تونس بعد الثورة، العديد من الإقالات على مستوى الوزارات، نذكر من بينها ما حدث مع وزير الداخلية الأسبق فرحات الراجحي الذي تمت إقالته يوم 28 مارس 2011 من قبل رئيس الجمهورية الأسبق فؤاد المبزع وتعيين الحبيب الصيد مكانه. وقد أشارت مصادر رسمية آنذاك الى أن قرار الاقالة جاء ضمن "تحوير جزئي" على الحكومة المؤقتة، فيما لفت خبراء الى أن هذا القرار أتى متزامنا مع رفض محكمة الاستئناف طلبا يقضي بوقف حكم قضائي صدر في 9 مارس 2011 يقضي بحل حزب التجمع بناء على طلب كان قد تقدم به وزير الداخلية المُقال فرحات الراجحي. وفي سنة 2015 أقالت الحكومة وزير العدل محمد صالح بن عيسى الذي دعا لإلغاء قانون المثلية الجنسية في تونس، وذلك على خلفية تصريحات "لم تكن بالجدية المطلوبة"، وفق ما أعلن عنه الناطق الرسمي باسم الحكومة آنذاك ظافر ناجي. وقال الناطق الرسمي باسم الحكومة أن الوزير المعزول قام بعديد التصريحات التي لم تكن بالجدية المطلوبة. ولفت إلى أن هذه التصريحات تتعلق بالسفير الأمريكي في تونس، وبدعوة الوزير إلى مراجعة قانون تونسي يجرم المثلية الجنسية. وفي سنة 2017، قررت رئاسة الحكومة إعفاء وزير التربية ناجي جلول، ووزيرة المالية لمياء الزريبي. وأتى إعفاء ناجي جلول بعد أن واجه احتجاجات نقابية واسعة النطاق عارضت برنامجه الإصلاحي لقطاع التربية، بينما تعرضت وزيرة المالية لمياء الزريبي لانتقادات كبيرة إثر تدهور قيمة الدينار في ذلك الوقت. وفي السنة نفسها، أقال رئيس الحكومة الأسبق يوسف الشاهد وزير الوظيفة العمومية عبيد البريكي بعد تلويحه بالاستقالة . واكد الشاهد أن قرار الإقالة أتى في إطار "إرجاع هيبة الدولة" وفق تعبيره، مشيرا إلى أنّه من غير المعقول أن يتحدث عن نيته تقديم الإستقالة. وفي جوان 2018، أعلنت رئاسة الحكومة أن رئيسها يوسف الشاهد أقال وزير الداخلية لطفي براهم، على خلفية غرق مركب يحمل مهاجرين قبالة السواحل التونسية راح ضحيته ما لا يقل عن 68 شخصا. فصلُ اخر عرفته تونس مع الإقالات، تزامن مع تولي قيس سعيد رئاسة الجمهورية والذي فور توليه المنصب أقال وزير الخارجية الأسبق خميس الجهيناوي ووزير العدل وزير الدفاع عبد الكريم الزبيدي. وجاء في بيان نشرته رئاسة الحكومة، أنه تمّ عفاء كاتب الدولة للدبلوماسية الاقتصادية حاتم الفرجاني من مهامه أيضاً، دون ذكر الأسباب. لكن تبقى أشهر الإقالات واكثرها اثارة للجدل هو ما حدث مع وزراء النهضة، الذين أقالهم رئيس الحكومة السابق الياس الفخفاخ في إطار قرار وصف بأنّه انتقامي، بعد دعوة مجلس شورى حركة النهضة رئيس الحكومة إلى الاستقالة والتفرغ لملفه القضائي المتعلق بشبهة فساد في صفقة أبرمتها شركة يملك جزءا من أسهمها مع الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات، وتزامن القرار أيضا مع توجّه عدد من الكتل والنواب (105 نائبا) لسحب الثقة منه، وهو ما اعتبره معارضوه آنذاك "تصرفا صبيانيا وغير مسؤول"، خاصة وأنه من بين المقالين وزير الصحة عبد اللطيف المكي، الذي أقيل في ذروة أزمة كورونا. إلى ذلك لعب مجلس الشعب دورا مهما في تغيير الحكومات وأيضا في الحكم على استمرارها، حيث كان برلمان صاحب الكلمة في إقالة حكومة الصيد برمتها عبر لائحة لوم، سنة 2016. ليتولى يوسف الشاهد عن حزب نداء تونس في 20 أوت 2016 تشكيل حكومة الوحدة الوطنية المنبثقة عن مبادرة الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي. في المقابل نجت وزيرة المرأة والأسرة سهام بادى في أفريل 2013 من اقتراح بسحب الثقة بالمجلس الوطنى التأسيسي، بعد فشل نواب المعارضة في جمع الأصوات المطلوبة. وفي سنة 2020، لم تحظ حكومة الجملي بثقة النواب، ليتولى المهمة إلياس الفخفاخ الذي شكل حكومة جديدة في 19 من فيفري 2020 تضم قيادات من الأحزاب والمستقلين. وبعد أشهر من توليه السلطة، تورط الياس الفخفاخ في شبهة تضارب المصالح ما جعل النواب يتجهون نحو السحب الثقة منه، إلاّ انه سارع بتقديم استقالته بعد دقائق من توقيع النواب على لائحة سحب الثقة. ومنذ ثورة 2011، تناوب على السلطة في تونس 5 رؤساء بينهم رئيسان اثنان مؤقتان هما فؤاد المبزع ومحمد الناصر بصفتهما رئيسا مجلس النواب وقت شغور منصب الرئيس. وانتخب المجلس التأسيسي منصف المرزوقي رئيسا في اقتراع داخل المجلس، بينما جرى انتخاب الباجي قائد السبسي وقيس سعيد، في انتخابات رئاسية عامة.