قال فريق من خبراء صندق النقد الدولي إنّ تواجه تونس تحديين فوريين، هما إنقاذ الأرواح وسبل العيش حتى يتلاشى الوباء، والبدء في إعادة الاختلالات الاقتصادية إلى مسار مستدام. وشجّع خبراء صندوق النقد الدولي السلطات التونسية على الاستمرار في تعزيز شبكات الأمان الاجتماعي وتعزيز الاستثمار العام. وأجرى فريق من موظفي صندوق النقد الدولي مهمة عن بُعد، خاصة بتونس، في الفترة من 9 إلى 18 ديسمبر 2020 ومن 4 إلى 13 جانفي 2021. ولاحظت بعثة صندوق النقد الدولي، في بيان أوّلي عن المهمّة التي أجرتها، أن الناتج المحلي الإجمالي تقلص بنسبة غير مسبوقة بلغت 8,2 بالمائة في عام 2020، مما أدى إلى ارتفاع معدلات الفقر والبطالة. كما أنّ التقديرات تشير إلى أن العجز المالي قد اتسع إلى 11,5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، بما في ذلك بسبب انخفاض الموارد، وارتفاع كلفة الأجور، والتحويلات الإضافية إلى المؤسسات العمومية. وتوقع خبراء صندوق النقد الدولي أن ينتعش نمو إجمالي الناتج المحلي إلى 3,8 بالمائة في عام 2021 مع بدء تلاشي آثار الوباء، وذلك مع وجود مخاطر سلبية بالنظر إلى عدم اليقين من مدة انتشار الوباء وتوقيت التلاقيح. وحثّ موظفو صندوق النقد الدولي تونس على أن تعطي الأولوية بشكل صارم للإنفاق على الصحة والحماية الاجتماعية، مع ممارسة التحكم في حجم الأجور والدعم غير الموجه في قطاع الطاقة، والتحويلات إلى الشركات العمومية. ورحّب خبراء النقد الدولي بجهود الحكومة التونسية لتحقيق تغطية ما لا يقل عن 30 في المائة من احتياجاتها من الطاقة من خلال مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030، مما سيساعد في مكافحة تغير المناخ وتنويع إمدادات الطاقة. وقالت البعثة إنّه يُتوقع أن يتقلص العجز المالي إلى 6,6 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي، وفق الإجراءات التي أفرّت في ميزانية الدولة لسنة 2021. لكنّ ذلك يقتضي تدابير تدعم هذا الهدف، وفي حالة عدم وجودها، يمكن أن يفوق العجز 9 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي. وقال الخبراء إنّه ينتظر من السلطات التونسية تبنّي خطة إصلاح ذات مصداقية وواسعة النطاق تستفيد من القبول القوي للمجتمع التونسي وشركاء التنمية الدوليين. وتحقيقا لهذه الغاية، يجب الوصول إلى "ميثاق اجتماعي" للتحكم في كلفة أجور الوظيفة العمومية التي هي حاليا من بين الأعلى في العالم، وإصلاح الدعم، ومعالجة ملفات المؤسسات العمومية، والقطاع غير الرسمي، والمساواة الضريبية، ومكافحة الفساد، ومناخ الأعمال. وأشار بيان الخبراء إلى أنّ العديد من الشركات الكبيرة المملوكة للدولة مثقلة بالديون، ولديها ديون متراكمة، وتستفيد من الضمانات الحكومية، وكلها تشكل مخاطر مالية ومالية. ورحب الخبراء بجهود السلطات التونسية للبدء في تسوية بعض الديون العمومية، ودعوا إلى اعتماد خطة إصلاح متوسطة الأجل تتضمن طبيعة الأنشطة ومركزة إشرافها في هيكل واحد وتعزيز حوكمة الشركات والشفافية وإعداد التقارير المالية، إضافة إلى تحسين الوضع المالي لنظام التأمين الاجتماعي. وأشار البيان إلى أنّ السياسة النقدية للبنك المركزي التونسي ساعدت على دعم الائتمان والسيولة، في حين استمر التضخم في الانخفاض. وأكّدت البعثة أنّ زيادة النمو المحتمل والشامل تتطلب المزيد من مبادرات القطاع الخاص والمنافسة.