وصف محمد الكيلاني، الأمين العام السابق للحزب الاشتراكي، الأحداث التي شهدتها بعض المدن مؤخرا بأنّها مجرّد فوضى اختلط فيها الحابل بالنابل، وفق تعبيره. وقال الكيلاني في نصّ، بمثابة خطاب موجّه لليسار التونسي، نشره اليوم السبت 23 جانفي 2021، على صفحته الرسمية بموقع فايسبوك: "ما حدث في الليالي الماضية، لا هو "ثورة مستمرة" ولا هو "احتجاج"، بل هو مجرد فوضى اختلط فيها الحابل بالنابل، ظنها أصحابها "الشرارة التي ستلهب حقلا"، لأنهم يعتقدون أن "الحركة هي كل شيء" لتحريك الشارع ولمواصلة المسار الثوري". وأضاف الكيلاني: "يبدو أن الرّشد قد عاد ومعه غادر الاحتجاج الظلمة وعاد ليأخذ مكانه في النهار مؤطرا سياسيا، غير أنه ليس بالقوّة التي تسمح له بأن يتحول إلى قطب جاذب محرّك ومولّد للثورة". وشدّد محمد الكيلاني على أن اليسار في حاجة إلى بناء القوّة الضرورية كي يتمكن من لعب دوره القيادي. وأن يتحد حول مشروع مجتمعي ومشروع حكم. وتابع قائلا: "إن اليسار في حاجة إلى "العدد"، إلى من يؤمنون به وبمشروعه، كي يتمكن من ضبط استراتيجية لطلب السلطة". وحذّر محمد الكيلاني رفاقه اليساريين من أنّهم لا يقدرون حاليا على التحكم في الشارع وقال: "ما من شكّ في أن الأوضاع مزرية بشكل لا يطاق، لكنها لا تبرر التوجه هكذا إلى الشارع بشكل يمكن للجماعات المحافظة أن تستولى عليه وتزيحنا منه باعتبارها أكثر قوّة وتأثير في الأحياء و"الحوم" والقطاعات. وليس هذا فقط بل إنه من الممكن أن تستغله فرق فوضوية ومغامرية وحتى إجرامية ويمينية متطرفة إرهابية لبث الفوضى وتشويهه". وعبّر الكيلاني عن أسفه لأن اليسار لم يستخلص الدرس من أوّل فشل لحقه في الانتخابات التأسيسية وحتى بعد عشر سنوات. وقال محمد الكيلاني: "الأوضاع الموضوعية المزرية لا تؤدي إلى الثورة مباشرة بل إلى الاحتجاج فقط وحالما تلبى المطالب أو يسلط عليها القمع تنكمش، اعتبارا وأن تحويل الاحتجاج إلى ثورة محكوم بوجود وعي الثورة لدى الرأي العام المحتج مدعوما بوجود قيادة ثورية قادرة على اتخاذ قرار سياسي بملء إرادته ووعيه بعد تفكير عميق وإحكام عقل في الحلول الممكنة المطروحة أمامه". ودعا محمد الكيلاني اليسار إلى التفكير في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة منذ الآن، قائلا: "القوى الجمهورية بيسارها العقلاني ويمينها الليبرالي الاجتماعي ليس لها وزن برلماني قادر على تعديل السياسات الحكومية وإدخال الإصلاحات الضرورية التي بلادنا في حاجة إليها. لذلك لا نرى إمكانية مباشرة للخروج من الأزمة الشاملة على أساس نفس الخيارات. وأنه ليس أمامنا من حلّ سوى تكتيل القوى الجمهورية الاجتماعية اليسارية والليبرالية حول مشروع إصلاحي شامل يضع بلادنا على سكة النهوض القائم على منوال تنموي اجتماعي تضامني بمضمون وطني، تتقدم على أساسه متحدة في الاستحقاقات القادمة باعتبارها صاحبة برنامج بديل للحكم تمثل القوّة المؤتمنة على الجمهورية. ذلك هو خيارنا، وأملنا في أن نوفق هذه المرّة".