تجمع كل الأطراف المعنية بملف "الماء" في تونس على أن البلاد مقبلة على مرحلة صعبة جدا تهدد نفاد مواردها المائية. وتؤكد التقارير أن مخزون تونس من الماء شارف على النفاد وأن البلاد تجاوزت مرحلة الفقر المائي ودخلت مرحلة الشح المائي. وسيؤدي تواتر حالات الجفاف في تونس إلى شحّ في الموارد المائية، لا سيما أن إيرادات السدود لا تتجاوز، حاليا، 50 بالمائة، ما يجعل التزود بالماء في البلاد أمرا أكثر فأكثر صعوبة، وفق ما كشف عنه الرئيس المدير العام للشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه، مصباح الهلالي. وقال الهلالي في حوار ل"وات" إن تونس توجد تحت مستوى الشحّ المائي وهو ما يمثل إشكالا كبيرا في الموارد المائية في تونس، إذ لا تتجاوز حصة التونسي من المياه المتاحة 450 مترا مكعبا (م3 ) سنويا وستصل هذه الحصة الى 350 م3 ، سنة 2030. وبين أن ندرة المياه تفسر بعدم انتظام نزول الأمطار وتواتر فترات الجفاف التي تصل إلى 3 سنوات، بفعل التغيرات المناخية، وتونس من بين البلدان العشر في العام الأكثر تأثرا بانعكاسات التغيرات المناخية. وبين الهلالي أن سنة 2021 ستكون سنة جافة خاصة وأن خزينة تونس من الماء في السدود لا تتجاوز 50 بالمائة من طاقة استيعاب السدود بما معناه أن السدود فارغة إذا فهي بالفعل سنة صعبة، مبينا أن الحل يكمن في إنشاء مركب معالجة إضافي بمنطقة بجاوة يهدف إلى تأمين حاجيات تونس الكبرى إلى حدود سنة 2036 ، لمواجهة العجز المرتقب من الموارد المائية. وبما أن هذا المشروع يتطلب تقريبا 30 شهرا أي يفترض أن يجهز في نوفمبر أو أكتوبر 2023 فإن صائفة 2022 ستكون صعبة في ظل تساوي العرض بكمية حاجياتنا من الماء، ووبناء عليه يتعين على التونسيين أن يعتمدوا ترشيد استهلاك الماء لتفادي العجز إلى حين استكمال المحطة. وأشار المتحدث إلى إن تونس تعاني بالفعل من نقص في المياه وعلى الرغم من سعي الشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه إلى إيجاد الحلول إلا أنه يجب التفكير بشكل جدي في ترشيد استهلاك الماء سواء على مستوى الاستهلاك الفردي أو الزراعي أو غيره من الأنشطة الاقتصادية. فالفصل 44 من الدستور التونسي يضمن الحق في الماء ولكنه ينص أيضا على واجب الدولة والمجتمع في المحافظة على الماء. وصنّف تقرير دولي صادر عن معهد الموارد العالمية "وورلد ريسورسز" في 2019 أن تونس من أكثر الدول المهددة بجفاف حاد بسبب ندرة المياه وارتفاع درجة الحرارة إضافة إلى استنزاف الموارد المائية. وصنف التقرير العديد من دول المنطقة ضمن "الخانة الحمراء" لأكثر الدول المهددة بالجفاف، فاحتل اليمن المرتبة ال20، فيما جاءت الجزائر في المرتبة ال29، وتونس في المرتبة ال30، وجاءت سوريا في المرتبة ال31. وتعرّف منظمة اليونسكو ندرة المياه بأنها أي وضع تقل فيه موارد المياه المتجددة عن ألف متر مكعب لكل شخص في العام، وكان هذا المعدل بتونس 440 مترا مكعبا في مارس 2020. وستكون مناطق الوسط والجنوب في تونس مهددة بجفاف كلّي، إلى جانب نقص فادح في المياه الصالحة للاستهلاك مما ينذر بمواسم عطش.