بات التعاطي اللاّمسؤول مع الأخبار الزائفة والسعي لترويجها وتداولها وتأجيج الرأي العام المصاحب واحدة من أهمّ الأزمات الاجتماعية،و لم يعد نشر الأخبار الزائفة مجرّد خطئ عابر بل هو أسلوب من أساليب تحقيق أهداف مصنّعي هذه الأخبار، إما ضرب الثقة بحزب ما أو لخلق شرخ عموديّ بين طرفين . وفي الفترة الأخيرة ارتفعت موجة الاشاعات في اتجاه تيّار واحد وهو استهداف رئيس مجلس الشعب وزعيم حركة النهضة راشد الغنوشي، عبر الحديث تارة عن "ثورة مزعومة" وطورا عبر نشر اخبار تفيد بتعكر صحته، الامر الذي فاق حده وفق مراقبين واستدعى توجه الحركة نحو القضاء. وجاء في بيان أصدرته الحركة أول السبت "تبعا للمقال المضلل الذي عمدت جريدة "الأنوار" التونسية نشره، والذي تدعي فيه زورا وبهتانا أن الأستاذ راشد الغنوشي رئيس الحركة ورئيس مجلس نواب الشعب يمتلك آلاف المليارات ويدير شبكات أسلحة قارية وغيرها من الادعاءات الكاذبة، فإن حركة النهضة يهمها التعبير عن إدانتها لهذه المقالات التضليلية التي تذكرنا بذات الأدوار والأساليب التي كان يعتمدها الاستبداد في تشويه المناضلين وتلفيق التهم المجانية لهم، وهو أسلوب المفلسين ومن باعوا ضمائرهم بأبخس الأثمان". كما اعتبرت الحركة أن "الحملة الإعلامية المتناغمة والمتزامنة والتي تستهدف حركة النهضة ورئيسها، هي ردة فعل بائسة في محاولة للتعمية عن التسريبات التي كشفت للتونسيين مخططات أعداء الديمقراطية في الكيد لمؤسسات الدولة والعبث بها"، مشيرة إلى أن قررت تكليف مكتبها القانوني ب"متابعة كل المضللين والكذبة وتعلم الرأي العام أنها رفعت عددا من القضايا في حق بعض الأشخاص والمؤسسات التي تعمدت نشر الإشاعات والأكاذيب دون تكليف نفسها واجب التحرّي والتدقيق". ومع ذلك لم تهدأ حدة الإشاعات، اذ بعد الترويج لإشاعة الثروة، نشرت وسائل الاعلام امس الاحد اخبارا تفيد بتعكر صحة رئيس البرلمان راشد الغنوشي،ورغم أن الصحفي و على عكس المدوّن الهاوي ملزمٌ بالتثبت في الأخبار قبل نشرها ، فإن ما بات يجري في الساحة الإعلامية التونسية كسر نوعا ما القاعدة ، فباتت الإشاعات و الأخبار الزائفة تروج حتى في المواقع الاعلامية الذائعة الصيت، ما جعل القارئ يشكك في مدى مصداقية جلّ المواد الإعلامية التي يتناولها. في المقابل، أكد القيادي بحركة النهضة، رفيق عبد السلام، في تدوينة على صفحته الرسمية على الفايسبوك اليوم الاثنين ، أن ما تم تداوله حول تعكر الحالة الصحية لراشد الغنوشي رئيس الحركة ورئيس البرلمان ونقله للمستشفى العسكري ليست إلا كذبة أخرى طازجة صنعت على عجل ، وفق تقديره. وأضاف أنه بعد كذبة امتلاك الغنوشي لثروة 2700 مليار متأتية من تجارة السلاح والتهريب، جاءت كذبة أخرى طازجة صنعت على عجل مفادها نقل الغنوشي للمستشفى العسكري بعد انهيار صحته. واعتبر أنه لا يلجأ إلى مثل هذه الاكاذيب المفضوحة الا من أفلس في ميدان السياسة وعجز عن المنافسة النزيهة. وختم عبد السلام تدوينته قائلا ''انتظروا في الايام القليلة القادمة الكثير من قصص الخيال الرديئة التي سيتم الترويج لها عبر وسائل إعلام مضللة، لكن حبل الباطل قصير، وسيقع هؤلاء في شر أعمالهم والأحقاد السوداء التي تأكل قلوبهم''. ويعرف العلماء والباحثون في علم الاجتماع "الإشاعة" بأنها خبر أو مجموعة من الأخبار الزائفة التي تنتشر في المجتمع بشكل سريع، وتتداول بين العامة ظنا منهم في صحتها، ودائما ما تكون هذه الأخبار مشوّقة ومثيرة. وتفتقر هذه الإشاعة عادة إلى المصدر الموثوق الذي يملك أدلة على صحتها. وبحسب كتاب "سيكولوجية الإشاعة" فإن انتشار الإشاعة يساوي أهمية الموضوع المتصل بالإشاعة مضروبا في مدى الغموض حوله، الأمر الذي يعني أن الإشاعة تكون أكثر انتشارا كلما كان الموضوع مهما.