حالةٌ من الغضب في صفوف المعطلين عن العمل الذين وجدوا أنفسهم أمام تصريحات صادمة لقيس سعيد بعد تراجعه، أمس الجمعة عند اجتماعه بوزير التشغيل، عن تفعيل القانون الذي ينص على الانتداب الاستثنائي للمعطلين عن العمل 10 سنوات فما فوق. فبعد سنة من ختمه للقانون عدد 38 لسنة 2020 الخاص بالمعطلين عن العمل، تراجع سعيّد عن تفعيل القانون المذكور بحجّة أنه قانون باع "الأوهام والأحلام للشباب".. تصريحٌ أغضب المعطلون الذين اتهموه "بالتنكّر لوعوده" ومحاولة "استغلالهم" لخدمة مشروعه السياسي. وفي تدوينة على صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك"، أكدت هدى بن سالم التابعة اتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل أنّ قيس سعيد هو من نصحهم سنة 2019 بالتوجه للبرلمان لصياغة قانون يضمن حقهم في التشغيل. وأكدت بن سالم أنه بعد سلسلة من الاحتجاجات تمت المصادقة على القانون، لكنهم تفاجؤوا اليوم "بتنكّر فخامته" للقانون المذكور، واعتباره من قاموا بصياغته "مجرمين". وخاطبت هدى بن سالم قيس سعيد: "أنت بعثتنا إليهم واليوم تصفي حسابات على حساب حقنا . إذا كان هم مجرمين فأنت زميمهم.. قانون 38 يعبر على فصول الباب الثاني في الحقوق والحريات من دستور 2014 الذي ألغيت كل فصوله وتركت باب الحقوق والحريات ." وتابعت "اليوم فخامة الرئيس باعنا بمجرد حط يده في اتفاقيات اتحاد الشغل.. اليوم سيادته ذبحنا بالموس الحافية لأنّ تنسيقياته ساوموه إذا طبق قانون 38 يتخلون عنه". وكان نصر الدين نصيبي وزير التشغيل، صرّح لإذاعة "شمس أف أم"، عقب اللقاء الذي جمع وفدا عن الحكومة بوفد عن اتحاد الشغل، يوم 15 نوفمبر الحالي، جوابا على سؤال يتعلق بمآل القانون عدد 38 لسنة 2020 "سنمضي قُدُماً في التزامات الدولة". وأضاف أن الحكومة ملتزمة بكل الاتفاقات السابقة في إطار استمرارية الدولة لكن الحسم في كل الملفات يتطلب مزيدا من الوقت، وفق تعبيره. وينص القانون 2020/38 على انتداب حاملي الشهادات العليا الذين زادت بطالتهم عن عشر سنوات، مباشرة وعلى دفعات في الوظيفة العمومية، لكن رئيس الجمهورية يدافع عن التشغيل في شركات أهلية خاصة، معللا ذلك بأن الدولة لم تعد قادرة على التشغيل في الوظيفة العمومية. واعتبر أستاذ القانون الدستوري جوهر بن مبارك أن قيس سعيد وبتراجعه عن القانون الذي ختمه قد "حوّل الدولة إلى ضيعة ترتع فيها الفوضى والارتجالية والعشوائية والهلوسات"، وفق تعبيره. وأضاف بن مبارك في تدوينة على صفحته بالفايسبوك "الانقلاب خطر على السلم الأهلية و العيش المشترك. الصندوق هو الحل. انتخابات رئاسية وتشريعية مبكّرة.. إلغاء كلّ إجراءات الانقلاب. حكومة إنقاذ وطني شرعية". وتعليقا على تصريحات قيس سعيد، قال أمين عام الحزب الجمهوري عصام الشابي في تدوينة عبر صفحته الرسمية على الفايسبوك إن ''الشعارات تتهاوى والوعود تتبخر بمجرد اصطدامها بالواقع". وأضاف الشابي أن "بطالة أصحاب الشهائد العليا الذين علقوا آمالا عريضة على القانون عدد38 ، ستطول أكثر بعد أن اعتبر رئيس الجمهورية أن المصادقة على ذلك القانون كان من قبيل بيع الأوهام غير القابلة للتنفيذ وأنه على هؤلاء انتظار تكوين الشركات الأهلية لتشغيلهم وفق مقاربة غير تقليدية واستثنائية يبدو أنها لا تملك من الحلول غير الشعارات التي لا تغني و لا تسمن من جوع". ودوّن النائب ياسين العياري: "قد يكون قانون 38 بيعا للأوهام... محسوب الشركات الأهلية والاستفتاء بتطبيقه في المعتمديات وترخيص سوم البطاطا بخلع الدبّوات واللجان الشعبية والترتيب التصاعدي والضب والتمرة، هي البرامج الواقعية الحقيقية التي رصدت لها أموال وتدرس تطبيقها على الواقع و تداعياتها؟ ما تزيدو على بعضكم كان بالصبر! كي سيدي كي جواده، لست خيرا منهم، شعبوي ثرثار، من نفس الجيل، ما عندك شيء تقدمه. كان لاكريموجان". واثارت تصريحات سعيد غضب المعطلين عن العمل الذين شعارات غاضبة في وجه رئيس الجمهورية. ومساء أمس الجمعة نفد عدد من المعطلين عن العمل من أصحاب الشهائد العليا وقفة احتجاجية أمام عدد من مقار الولايات. وفي سبيطلة من ولاية القصرين، افترش عدد من أصحاب الشهائد العليا المعطّلين عن العمل، الأرض اليوم السبت تنديدا بقرارات قيس سعيّد حول عدم تفعيل القانون 38. وقال أحد المعتصمين في تصريح لصفحة" راديو سبيطلة"، في كلمة وجهها لقيس سعيّد :" رئيس دولة وأستاذ قانون يخرق القانون". يذكر أن قيس سعيد، تولى في أوت 2020 ختم القانون المتعلق بالأحكام الاستثنائية للانتداب في القطاع العمومي، للمعطلين عن العمل ممن تجاوزت بطالتهم 10 سنوات وصدر بالرائد الرسمي بتاريخ 19 أوت 2020. وكان مجلس نواب الشعب صادق، خلال جلسة عامة، يوم 29 جويلية 2020، على مقترح القانون المتعلق بأحكام استثنائية للانتداب في القطاع العمومي برمّته، ب159 نعم و18 احتفاظ ودون رفض. ويتعلق مشروع القانون عدد2020/27، المكوّن من 6 فصول، بالانتداب المباشر في القطاع العمومي للعاطلين عن العمل من أصحاب الشهائد العليا الذين بلغت فترة بطالتهم 10 سنوات فأكثر، وذلك وفق ترتيب تفاضلي للمنتمين إلى هذه الفئات وبناء على مقياسي سنة التخرج وسن المتخرج، شرط أن يكونوا مسجلين في مكاتب التشغيل، وفق وثيقة القانون. وينص القانون على الانتداب المباشر على دفعات سنوية متتالية، تستكمل في مدة 4 سنوات، سواء للذين طالت فترة بطالتهم أكثر من عشر سنوات أو الذين بلغوا ال35 سنة ولم يقضوا 10 سنوات بطالة، أو بالنسبة لتشغيل فرد من كل عائلة جميع أفرادها عاطلون عن العمل، أو بالنسبة إلى الترفيع بنسبة تشغيل ذوي الإعاقة من 2 الى 5 بالمائة. يذكر أن كتلة حركة النهضة صوّتت في ديسمبر 2020 ضد الفصل 9 من قانون المالية لعدم تنصيصه صراحة على التزام الدولة بانتداب المعطلين عن العمل الذين فاقت بطالتهم 10 سنوات. وقبلت حكومة المشيشي بتعديل الفصل المذكور بالتنصيص صراحة على تخصيص جزء من الانتدابات المبرمجة سنة 2021 تنفيذا للقانون عدد 38 لسنة2020 وتم التصويت للفصل 9 في صيغة حققت مطلب تخصيص اعتمادات لانتداب دفعة أولى من المعطلين عن العمل تنزيلا للقانون عدد 38. صور من حسابات التواصل الاجتماعي