عاين وزير الداخلية توفيق شرف الدين صباح اليوم 8 ماي 2022، تظاهرة مساندي قيس سعيد بشارع الحبيب بورقيبة بتونس العاصمة. واعتبر شرف الدين في تصريح إعلامي بحضور عدد من أنصار سعيّد، هذه التظاهرة دليلا على احترام وزارة الداخلية لحرية التعبير. لكنّه استدرك وقال إنّه يقصد "حرية رأي صحيحة". وأضاف: "مثلما قال رئيس الجمهورية... كيف نتحدث عن حرية تعبير ولا توجد حرية تفكير. يجب أن تكون حرّا في تفكيرك حتى يسوغ لك أن تكون لك حرية تعبير. إذا فكرك ليس حرا ومأجورا بالمال لا تتحدث عن حرية تعبير". وتابع قائلا: "بين ما يسمح به القانون وما يسمح به الواقع بون شاسع". ونبّه الحبيب بوعجيلة، عضو المبادرة الديمقراطية "مواطنون ضد الانقلاب" إلى أنّ وزير الداخلية يقصد في تصريحه "إسقاط الديمقراطية وبناء دولة العقل الأوحد". واعتبر بوعجيلة، في تدوينة على حسابه بموقع فايسبوك أنّ "التقابل الذي أقامه توفيق شرف الدين بين الأمن والحرية وإشارته إلى أولوية بين المفهومين هو ماضوية فكرية وضعف علمي من المفروض أن لا يبدو على متخرج من اختصاص الحقوق والعلوم السياسية". وأضاف "ما يقوله الشعبويون في نسختهم الفاشية منذ عقود هو تأويل سيء مزدوج لمقولة العنف الشرعي الهوبزية أو مقولة الإرادة الموضوعية الهيغلية (الدولة ليست تعبيرا عن الإرادة العامة الروسوية بل عن إرادة العقل المطلق الموضوعي الذي يتجسد في الحاكم) . وقال مؤيّدو قيس سعيد في تظاهرتهم اليوم الأحد إنّهم يدعمونه لإعادة صياغة الدستور. ورفعوا شعارات تقول "الشعب يريد محاسبة الفاسدين" و"لا للتدخل الأجنبي" و"الشعب يدعم سعيد في تطهير البلاد". وأشارت وكالة "رويترز" في تغطيتها للتظاهرة إلى أنّ تجمّع أنصار سعيد في وسط تونس العاصمة "أقل حشدا من احتجاجات نظمتها المعارضة في الآونة الأخيرة". وكان والي تونس كمال الفقي، أعلن في وقت سابق أنه قرر منع التظاهرات في شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة، وأنه "تم تخصيص شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة لممارسة الأنشطة الإبداعية والثقافية والسياحية والاستعراضية لا غير". وذكر بلاغ الوالي، أنه "تم تحويل التظاهرات الأخرى إلى ساحة حقوق الإنسان أو إحدى الساحات العمومية الأخرى بشارع محمد الخامس". لكنّ السيد كمال الفقي، المعيّن من قبل قيس سعيد ومعروف بنشاطه في حملته الانتخابية، حضر اليوم في شارع الحبيب بورقيبة للاحتفاء بالتظاهرة السياسية لمساندي قيس سعيد. وقال الوالي في تصريح صحفي، نقله موقع "تونسكوب": "نزلت لأحيّي الناس لإقامة تظاهرتهم بشكل ديمقراطي بكل الوسائل المدنية التي يطلب بها الناس الحقوق ليبلغوا أصواتهم للسلطة العامة". وأضاف: "الشعب كله مطمئنّ والناس جاؤوا من كل الجهات ومن بعض الأحزاب ومن بعض التوجهات التي قد تكون مختلفة وقد تكون متجانسة". وتابع: "أحسن من هكذا تعبير عن رقي الشعب التونسي "ما ثماش" (لا يوجد)". وردّا على سؤال يتعلق بقرار المنع من استخدام شارع الحبيب بورقيبة، الذي جوبه به معارضو الانقلاب، قال: "لم نمنع التظاهر السياسي بشارع الحبيب بورقيبة بل خصصنا شارع الحبيب بورقيبة للعمل الثقافي والإبداعي من أجل التسهيل على الشعب التونسي أن يتوجه للعمل الثقافي والإبداعي في شوارع الرئيسية، باعتبار أن هذا الشارع صار يشهد حالة من الغليان غير مسبوقة وتذمرت بعض المحلات التجارية من تلك الوضعية، لذا يستجيب الوالي بأن يخصص هذا الشارع للعمل الثقافي والإبداعي والاجتماعي". وأضاف الفقي: "حين يتعلق الأمر بتظاهرة سياسية يتم الأمر بالتنسيق بيني وبين أعوان الأمن ووزارة الداخلية، وعندما تكون "حاجة" بسيطة يكفي رئيس المنطقة أو مدير الإقليم، وإذا كانت أكبر فالنظر لوزارة الداخلية. وإذا لمسنا أنّ هناك ضرورة لنفسح لهم المجال فلا مانع من ذلك، وشروطنا هو أن تنحصر التحركات في الحدود التي نرسمها". وانتقد القيادي في التيار الديمقراطي هشام العجبوني في تدوينة على صفحته الرسمية على الفيسبوك السماح لأنصار الرئيس قيس سعيد بالتظاهر في شارع الحبيب بورقيبة بينما مُنع معارضوه في وقت سابق، من الاحتجاج بقرار من الوالي ووزير الداخلية. وأضاف العجبوني: "بعد أسابيع من التحشيد والتجييش وتسخير حافلات من كلّ الجهات.. يتظاهرون في شارع الحبيب بورقيبة الممنوع على كل الأحزاب السياسية إلاّ على أنصار فخامته." وتابع: "هذه هي الجمهورية الجديدة التي يبشّرنا بها فخامته وأنصاره : جمهورية حلال علينا حرام عليكم.. جمهوريّة شعب قيس سعيد الذي يريد والبقيّة غير معترف بهم على هذه الأرض وممنوعين من ممارسة حقهم الدستوري في التظاهر".