أعلن رئيس الدائرة الجنائية المتخصصة في العدالة الانتقالية بالمحكمة الابتدائية بقابس، أمس الثلاثاء 24 ماي 2022، أنّ ثلاثة خبراء عدليين "اعتذروا" عن قبول مأمورية تنفيذ حكم تحضيري بوضع مكاسب مسؤولين أمنيين، جهويين ومركزيين سابقا، تحت الائتمان. والمسؤولون المذكورون متهمون في قضية القتل والإخفاء القسري للناشط السياسي كمال المطماطي الذي اعتقل في أكتوبر 1991، ولا تعرف عائلته مكان دفن جثته منذ تاريخ اعتقاله. وانطلقت منذ أربع سنوات جلسات المحاكمة في قضية تتعلق بإخفاء مكان دفن جثة المطماطي بعد تعرضه للتعذيب وقتله داخل منطقة الأمن الوطني بقابس. وكانت المحكمة اتخذت قرار وضع مكاسب المذكورين تحت الائتمان بسبب امتناعهم عن حضور جلسات المحاكمة التي بلغت أمس الجلسة عدد 11، وبسبب عدم تنفيذ بطاقات الجلب الصادرة في حقهم. وقررت المحكمة إثر جلسة أمس الثلاثاء تكليف خبراء عدليين جدد لتنفيذ الحكم التحضيري، إضافة إلى التحرير على الخبراء العدليين الذين لم ينفذوا القرار القضائي. كما قررت المحكمة طلب تكليف فرقة أمنية خاصة بمهمة إحضار المتهمين لجلسة يوم 25 أكتوبر المقبل. وتشمل لائحة الاتهام مديرين عامين بوزارة الداخلية سابقا وهم عز الدين جنيح ومحمد علي القنزوعي، إضافة إلى وزير الداخلية الأسبق عبد الله القلال، ومسؤولين أمنيين آخرين. وقد استنكر محامو عائلة المطماطي عدم خضوع الموظفين لأوامر القضاء والامتناع عن القيام بواجباتهم، حسب ما ورد في مرافعة الأستاذ بشير بن لطوفة. وطالب المحامي مختار الجماعي هيئة المحكمة بالحسم في مسألة تنفيذ الأحكام القضائية التحضيرية وتتبّع كل من يحول دون تنفيذ الأحكام. ونبّهت المحامية وفاء القرامي في مرافعتها إلى أنّ القانون المنظم لمهنة الخبراء العدليين ينص على أنّه لا يجوز الامتناع عن إتمام المأمورية. ودعت المحامية منية بوعلي المحكمة إلى التحرّي في أن يكون الخبراء العدليون مورست عليهم ضغوط خارجية أو تهديدات، وهو ما يعني أنّ هناك طرف يسعى إلى إرضاخ القضاء إلى سلطته. وشدّدت في مرافعتها على أنّ رفض تنفيذ الأحكام التحضيرية هو تعطيل لأعمال المحكمة التي تبقى الحصن الأخير للمتظلمين. وقرّرت المحكمة تأجيل النظر ف القضية إلى يوم 25 أكتوبر المقبل، واتخاذ القرارات الآتية: انتظار مكاتبة إدارة الشؤون الجهوية والمقابر بوزارة الداخلية لتحديد قائمة الواقع دفنهم في تونس العاصمة خلال الأيام التي تلت مقتل كمال المطماطي بمحلات الأمن. نشر إعلام للعموم في جريدتين يوميتين لطلب التبليغ عن أي معلومات تتعلق بظروف اختفاء كمال المطماطي. وضع المكاسب الراجعة للمسؤولين الأمنيين تحت الائتمان العدلي. تكليف فرقة مختصة لجلب المنسوب إليهم الانتهاك الذين لم يحضروا بعد. نشر إعلان للعموم في جميع وسائل التواصل الاجتماعي، بالاستعانة بتقني في الإعلامية، مع ضمان سرية المعطيات الشخصية للمبلّغ. التحرير على الخبراء الذين اعتذروا عن تنفيذ مأمورية الائتمان بتاريخ 10 مارس 2022. جدير بالذكر أنّه أنشأت في تونس 13 دائرة جنائية متخصّصة في العدالة الانتقالية في بنزرتوتونس ونابل وسوسة والمنستير وصفاقس وقابس ومدنين وقفصة والقصرين وسيدي بوزيد والقيروان والكاف.