تشهد الساحة الوطنية في سنة 2017 تصعيدا سياسيا غير مسبوق و تحولات جوهرية و جذرية غيرت من طبيعة العمل السياسي والحزبي في تونس و صعدت من وتيرة الازمات وسط حراك مُتداخل لا يتفق رأي سويّ ، و لئن نجحت الطبقة السياسية في التكتم على جزء من هذه الصراعات الا ان جزءا كبرا منها تسرب للعلن ليؤثر بشكل معين على الاداء و العمل الحكومي . صراع بين القصبة و قرطاج "أجواء مشحونة بين القصبة و القصر " جملة تناقلتها مصادر إعلامية كثيرة و لم تخفها قيادات ندائية ، هذه الأجواء من الممكن ان تفضي الى عزل رئيس الحكومة يوسف الشاهد تماما كما حصل مع سلفه رئيس الحكومة السابق الحبيب الصيد . و لم يسلم يوسف الشاهد على إثر إعلانه الحرب على الفساد من انتقادات لاذعة من احزاب السلطة و المعارضة، على حد سواء وتراوحت الاتهامات بين من يحسب الحرب مناورة سياسية لكسب شعبية تؤهل الشاهد للدخول في الانتخابات الرئاسية و بين من يعتبرها ضربا لشق على حساب شق اخر و تواصل سيل المعلومات ليؤكد وجود حرب غير معلنة بين القصر و القصبة . الجبهات التي فتحت تصاعديا على الشاهد ، افضت إلى عزله سياسيا و الى فقدانه لحزام سياسي حسب ما يؤكده مراقبون وبدى ذلك جليا من خلال تصريحاته المرتعشة في ما يتعلق بالتحوير الوزاري التي تؤكد تعرضه لضغوطات و لمساومة تعرض بقاءه من عدمه . الحكومة في مواجهة الغضب الشعبي منذ الثورة التي وضعت تونس على طريق الديمقراطية تكافح حكومات متعاقبة اضطرابات اجتماعية في الأقاليم الواقعة في جنوب ووسط البلاد حيث يشعر الشبان العاطلون عن العمل أن الفوائد الاقتصادية للثورة لم تصل إليهم. و اتسعت رقعة الاحتجاجات جنوبتونس لتصل إلى تطاوين و قبلي وقابس بعد أن أقدم محتجون يطالبون بفرص عمل على غلق محطات لضخ النفط في جنوب البلاد ، ليتطوّرت منسوب الاحتجاجات من 4960 سنة 2015 الى 9532 احتجاجا سنة 2016 لتبلغ خلال التسعة أشهر الأولى من سنة 2017 أكثر من 8000. الحسابات الضيقة للأحزاب تهدد استقرار البلاد تتميز غالبية الأحزاب التونسية بانفصام في التعامل مع الديمقراطية والتي ترجع الى أسباب تتعلق بافتقار المنخرطين في هذه الأحزاب لثقافة ديمقراطية، علاوة على ميل رؤسائها الى التفرد بالقرار وتكريس المصالح الفردية الضيقة على المصالح الوطنية ، مما اثر سلبا على الاداء الحكومي ومما ساهم في عدم نضح العملية السياسية والاستقرار السياسي في البلاد. واعتبر الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نورالدين الطبوبي، أن تونس تعيش "أزمة أخلاق سياسية، وأزمة مراهقة سياسية"،لافتا إلى أن البعض همهم الوحيد المناصب والنفوذ. ووجّه الطبوبي انتقادات مباشرة للحكومة الحالية، قائلا "هناك تفكّك في الأداء الحكومي تجلّى في عمل كل وزارة على حدة... كل واحد يتحدث عن حزبه، ولا يحكي في اطار منظومة حكم متكاملة ومتجانسة في أدائها وموحدة في خطابها وفي سياستها" .