نشر موقع صحيفة "ذو هيل" التي يموّلها الكونغرس الأمريكي مقالا للدكتور صفوان المصري مدير مركز كولومبيا للبحوث والمحاضر في جامعة كولومبيا تحت عنوان " Tunisia is an American ‘soft power' success story — keep it that way " وتحدّث الدكتور عن تجربة تونس الرائدة فجر الإستقلال مستشهدا بكواليس اللقاء الذي جمع الرئيس الأمريكي الأسبق داويت إيزنهاور بالرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة خلال زيارة دولة للرئيس الأمريكي لتونس في 17 ديسمبر 1959 حين سأل ايزنهاور بورقيبة عن طبيعة المساعدات التي يرغب في الحصول عليها من الإدارة الأمريكية للنهوض بالدولة الفتية فكانت إجابة بورقيبة الذي كان يسعى إلى إرساء نموذج حديث ينأى بتونس عن باقي الدول العربية أن طلب مساعدات غذائية وتعليمية وصحية بدل المساعدة العسكرية . وإعتبر المقال أنه على صناع القرار الأمريكي الخارجي أن يضعوا نصب أعينهم تلك الواقعة والسعي إلى دعم تونس في 2018. وأشار الموقع أنه ومع بداية ستينات القرن الماضي كانت سدس الإقتصاد التونسي قائما على المساعدات الأمريكية وهو مادفع بالحكومة التونسية إلىالسعي إلى الإبقاء علاقات متينة بالولايات المتحدة و الدول الغربية رغم أن علاقة بورقيبة بالدول العربية لم تكن على أحسن مايرام خاصة في خطاب 1965 في أريحا لمّا طالب بالسلام مع إسرائيل وتقديم تنازلات لأجل ذلك،فقد سعت تونس أن تغرّد خارج السرب العربي بشكل مبهر كما خصصت تونس بعد الإستقلال اغلب إعتماداتها في الميزانية التي تصل أحيانا أكثر من الثلث في دعم قطاعات التعليم والصحّة والشباب فالنظام التعليم التونسي وقتها يتقاطع في مبادئه مع مبادئ الإنفتاح والتعددية الأمريكية ،فقد سع بورقيبة إلى توظيف التعليم لتغيير العقلية التونسية المتكلسة و الرافضة للعصرنة و الحداثة وغير المبالية بحقوق المرأة . وأشاد المقال بالنظام التعليمي البورقيبي الذي وصفه بثنائي اللغة و المحفّز عل التفكير النقدي و التحليل في منطقة عربية يسود فيها التعليم الديني وهنا تكمن قوة تونس. واعتبرت الصحيفة أن الإسثمار في التعليم سلاح من أسلحة القوة الناعمة لدفع عجلة التقدم غير أن إدارة ترامب تضرب بهذا عرض الحائط فهي تعتزم التخفيض في المساعدات المخصصة لتونس من 177 مليون دولار سنة 2015 إلى أقل من 55 مليون دولار سنة 2018 وفق مشروع قانون ميزانية وزارة الخارجية والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية اي بنسبة تخفيض تصل 28% عن سنة 2017 وقد رفضت اللجان في الكونغرس و مجلس النواب أي مقترح بتخفيض المساعدات نحو تونس بأقل من قيمة 165 مليون دولار وهو مايعني أن لتونس حلفاء أقوياء ومؤثرين في واشنطن. وأشار المقال إلى أن الإنتقال الديمقراطي التونسي لا يزال هشّا والإقتصاد في حالة ركود مع إرتفاع نسب البطالة و نسبة نمو متعثرة علاوة على تفشي الفساد حيث صادق البرلمان مؤخرا على قانون يحمي الفاسدين ويعيد رموز النظام السابق إلى الحياة السياسية . وختمت الصحيفة مقالها بحثّ الإدارة الأمريكية لدعم التجربة التونسية التي حققت مكاسب هامة بإنجاح اكثر من استحقاق انتخابي وصياغة دستور متنور كما قامت حركة النهضة الإسلامية بمراجعات جذرية سنة 2016 بفصل الدعوي عن السياسة ،وتونس هي الدولة الإسلامية الوحيدة التي يسمح فيها للمرأة بالزواج من غير المسلم هذا بالإضافة إلى دعوة الرئيس الباجي قايد السبسي إلى سنّ قانون يساوي في الميراث بين الجنسين وبناء على كل ماسلف فقد وجب عل الإدارة الأمريكية إحياء التعاون الأمريكي التونسي في عهد بورقيبة و إيزنهاور وعلصناع القرار في البيت الأبيض دعم هذا النموذج لمجتمع ديمقراطي مسالم في منطقة ساخنة و أي تخفيض في المساعدات سيكون له نتائج كارثية ومكلفة.