لا يختلف اثنان حول الدور الرئيسي الذي تلعبه وسائل الاعلام في التأثير على الرأي العام وتوجيهه، الأمر الذي استغلّته أجندات إماراتية لصالحها وجعلت منه ركيزتها الأساسية للوصول إلى غاياتها الكيديّة الساعية إلى خلق البلبلة في تونس من خلال السيطرة على عدد من وسائل الإعلام. و لعلّ مسألة انتساب وسائل إعلامية تونسية إلى الطرف الإماراتي ليس بالحدث الجديد على الساحة، إذ أميط اللثام خلال السنوات الأخيرة عن تورّط إعلاميين ومؤسسات إعلامية متنوعة المحامل في الولاء الأعمى إلى المحرّك الإماراتي وذلك من خلال ما يتم ترويجه من أنباء أغلبها لا يمتّ للواقع بصلة، من أجل إثارة الفوضى بالبلاد وإفشال مسار الانتقال الديمقراطي -كما سبق لها ان أفشلت مسار الثورات الشعبية في دول الربيع العربي-. ولئن أنكرت شتى المؤسسات الإعلامية قُربها إلى الطرف الإماراتي دون سواه وادّعاءها الوقوف على نفس المسافة من جميع الأطراف، إلا أن مضمون خطابها يفضحها في كلّ مرّة. ولعلّ الوثائق السرية الإماراتية المسربة، التي تحصل عليها موقع عربي21 ونشرها الاربعاء 3 جانفي 2018 ، والتي كشفت مخطط أبوظبي للتعامل مع الأزمة الحادة الأخيرة في تونس، التي نشبت في أعقاب قرار الإمارات منع التونسيات من السفر على متن "طيران الإمارات"، جاءت لتكشف ترسانة من الملفات ، أبرزها تورّط عدد من المؤسسات الإعلامية في العمل لصالح أجندات إماراتية معروفة الغايات. وقد تضمنت الوثيقة ، الصادرة عن "إدارة تخطيط السياسات" في وزارة الخارجية والتعاون الدولي بدولة الإمارات إلى خمس مسؤولين كبار فقط، على رأسهم وزير الخارجية الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، ووزير الدولة للشؤون الخارجية أنور قرقاش ، ثماني توصيات لتعامل الإمارات مع الأزمة، لكنَّ أهم وأبرز هذه التوصيات الثماني أن الوثيقة توصي الخارجية ب"تحريك جمعيات ومواقع إعلامية داخل تونس؛ لقلب النقاش ضد حركة النهضة، بزعم أنها المسؤولة عن الأعداد الكبيرة من الداعشيات التونسيات اللواتي أصبحن يُسئن للمرأة التونسية وصورتها التقدمية في الأذهان"، بما يؤكد فعلا أن الإمارات تراهن على تحريك شبكاتها الإعلامية والسياسية؛ لاستخدام ملف الإرهاب ضد النهضة، والعمل على تشويه صورتها لدى الرأي العام التونسي والدولي. وقد رفض عدد من أعضاء النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين الذين اتصل بهم فريق "الشاهد"، اليوم 03 جانفي 2018، التعليق على ما تضمنته الوثائق المسربة من معطيات تكشف تورط عدد من المواقع الإعلامية في العمل لصالح أجندات إماراتية و المساهمة في التحريض على خلق البلبلة بالبلاد .