لئن تراجع حزب الجمهوري عن دعم حكومة الوحدة الوطنيّة إلاّ انه يمارس دورا آخر مزدوجا ، يتاروح بين تمسكه بوثيقة قرطاج و بين موقفه السلبي منها في تناقض واضح مع ما يفترض لا فقط الوضع الحساس الذي تمر به البلاد بل ومع مبدأ العمل السياسي نفسه. و رفض الجمهوري حضور اجتماع الأطراف الموقعة على وثيقة قرطاج و لكنه و في نفس الوقت لا يجد حرجا في التمسك بها ، حيث اكد القيادي بالحزب نور الدين سعيد ما مفاده أنّ الجمهوري لم ينسحب من وثيقة قرطاج ولايزال متمسكا بمحتواها ولكنه يعتبر انه وقع افراغها من قيمها . و يرى مراقبون ان موقف الجمهوري لا يعكس سوى تبريرات واهية و تهربا من المسؤولية خاصة و ان الحزب يعيش اليوم وضعا صعبا واستغرب السياسي المستقل ووزير أملاك الدولة السابق حاتم العشي ، تأكيد الحزب الجمهوري على تمسكه بوثيقة قرطاج متسائلا "كيف لحزب ينتمي إلى حكومة الوحدة الوطنية أن ينسحب منها، وفي نفس الوقت يبقى ضمن وثيقة قرطاج؟". وقال العشي إن حركة نداء تونس والحزب الجمهوري لا يتقابلان في الأوضاع العادية إلا ضمن وثيقة قرطاج "والآن بعد تصريحات حافظ قائد السبسي التي أعلن فيها رفض النداء الالتقاء مع الجمهوري ضمن الأطر السياسية يصبح من الصعب على هذا الأخير البقاء ضمن وثيقة قرطاج". في المقابل اكد عضو المكتب التنفيذي بالحزب الجمهوري نور الدين سعيد إن الحزب الجمهوري لم ينسحب من وثيقة قرطاج ولايزال متمسكا بمحتواها ولكنه يعتبر انه وقع افراغها من محتواها تماما كما أفرغت حكومة الوحدة الوطنية من أبسط مقوماتها. و اشار الى ان مقاطعة هذا الاجتماع هي قرار صادر عن المكتب التنفيذي للحزب وقد اصدر الجمهوري بيانا توضيحيا في الغرض. و أن الأسباب عديدة ومنها بالخصوص أن هاته الدعوة جاءت متأخرة جدا وكان من المفروض عقد هذا الاجتماع منذ أن لاحت بوادر الخلافات بين الأطراف الموقعة على هاته الوثيقة وتحديدا قبل انسحاب الجمهوري من الحكومة. هذا و أصدر الحزب الجمهوري الخميس بيانا موقّعا باسم أمينه العام عصام الشابي، جاء فيه "تأتي هذه الدعوة في سياق استقبل فيه التونسيون سنة جديدة على وقع زيادات مشطّة في الأسعار، وفي سياق يتسم فيه المشهد السياسي بتدهور غير مسبوق ألقى بظلاله على أداء مؤسسات الدولة وأعاق التقدّم في معالجة الصعوبات التي تمر بها البلاد وأفرغ وثيقة قرطاج من مضمونها". وفي السادس من نوفمبر الماضي، أعلن الحزب الجمهوري انسحابه من الائتلاف الحكومي. كما قبل الحزب استقالة إياد الدهماني منه، الذي يشغل منصب الناطق باسم الحكومة. وأعلن الجمهوري اعتذاره عن قبول الدعوة الموجهة إليه "ورفضه إعادة خلط الأوراق مع جهات سياسية أثبت الواقع عجزها عن قيادة البلاد رغم رصيدها الانتخابي وأخرى تلاحق رموزها قضايا فساد وتبييض أموال". ووصف الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي،الحديث عن خروج حزب ما من وثيقة قرطاج ب"البدعة التونسية". وقال إن وثيقة قرطاج "جاءت في سياق تاريخي وأزمة سياسية عاشتها البلاد في فترة ما". وتابع أن "الحزب الجمهوري غادر حكومة الوحدة الوطنية ودقّ ناقوس الخطر وقلنا إن الحكومة أصبحت مهددة وإن الأداء السياسي يزيد الأعباء عليها وإن وثيقة قرطاج أفرغت من مضمونها". واعتبر الشابي أن "هناك محاولة للسيطرة على مؤسسات الدولة وقد دعونا رئيس الحكومة إلى التحرر من لوبيات الأحزاب"، مضيفا أن "هذه اللوبيات أطلقت النار على أحزاب أخرى مشاركة في الائتلاف الحاكم أو كانت ضمن هذا الائتلاف ومنها حزبا المسار وآفاق تونس". وتابع "أحزاب الائتلاف الحاكم استفادت من خدمات رئيس حزب متهم في قضايا فساد مالي وتبييض أموال".