في إطار الوعي بالمسؤولية والالتزام بضرورة دعم الاستقرار السياسي في البلاد التي تعيش أوضاعا اقتصادية صعبة، بدا الاتحاد العام التونسي للشغل أكثر اتزانا وتعقلا في تعامله مع التحركات الاحتجاجية التي تجتاح البلاد اليومين الماضيين، خصوصا أن مواقف الاتّحاد كانت دائما رغم دعمها للحكومة مناصرة للتطلّعات والمطالب الشعبية قبل كل شيء وغلبت على موقف الاتحاد العام التونسي للشغل ، الذي عوّدنا بأسبقيته في الاحتجاج وتنظيم الاعتصامات، الرصانة ، حيث خيّر المصلحة الوطنية ومواجهة المسألة بتعقّل دون التوجه الى الشعبوية وتأجيج الشوارع وخلق الفوضى على غرار ما سارعت إليه ثلة من الأطراف السياسية التي تستغلّ الأوضاع الاجتماعية لخدمة مصالحها السياسية. ولئن استنكرت المركزية النقابية الزيادات التي أقرّها قانون المالية لسنة 2018، في بيان صادر عن مكتبها التنفيذي الوطني، لكنه لم يدع إلى التحرك والاحتجاج. في هذا الشأن، اكد الامين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي الثلاثاء 9 جانفي 2018، أنه لا يمكن الحديث عن الديمقراطية والبطون خاوية لكن ذلك ليس باللجوء الى التخريب باسم الديمقراطية كذلك. وأضاف أنه من حق أي انسان التعبير عن رأيه اعلاميا او بالاحتجاج شريطة أن يكون الاحتجاج منظم ويكون التحرك مؤطر حزبيا أو اجتماعيا لا ان تتحول الاحتجاجات تحت جناح الليل والظلام وتكون خلعا واقتحمات للممتلكات الخاصة والبنوك وبين الطبوبي أن الاتحاد سيدافع عن الاحتجاجات السلمية من اجل القضايا المبدئية والقضايا العادلة. وأكد أيضا الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل خلال حلوله بمدينة تالة للاستماع إلى مشاغل أبناء الجهة اليوم الاثنين، بعد يوم من الاحتجاجات المطالبة بالتنمية والتشغيل، أن الاتحاد سيكون الضامن لمطالب الأهالي بالجهة. واعتبر الطبوبي أن مطالب المحتجين مشروعة طالت آجال تنفيذها مما خلق مناخات سيئة ومتوترة، منتقدا التراخي الحكومي في تطبيق التزاماته وتنفيذ اتفاقيات ووعود تتعلق بالجهة تم إقرارها منذ سنة 2012 . وشدد على أنه على الحكومة تطبيق الوعود وانجازها وخاصة المستشفى الجهوي بتالة، مؤكدا أحقية الجهة به، لافتا الى ضرورة تحقيق أهداف الثورة وتكريم الشهداء على تحقيق الأهداف التي من أجلها استشهدوا. وترافق تحرّكات الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل العديد من التوصيفات السياسية في البلاد تُفيد بأن المنظمة الشغيلة هي أكبر داعم لحكومة الوحدة الوطنية في ظل تفتّت الحزام السياسي لها خصوصا بعد انسحاب حزبي آفاق تونس والحزب الجمهوري من وثيقة قرطاج بصفة نهائية. كما تأتي تحرّكات قيادة الاتحاد العام التونسي للشغل أسابيع قليلة بعد أن أعلن الطبوبي عن دعمه المتواصل لحكومة الشاهد طبقا لوثيقة أولويات الحكومة ممّا أثار جدلا واسعا في بعض الأوساط السياسية التي شدّدت على أن الاتحاد لم يعد صداميا في مواقفه. هذا وشهدت معتمدية تالة من ولاية القصرين مساء الأحد 07 جانفي 2018، تحرّكا احتجاجيا شارك فيه شباب ومتساكنو المنطقة احتجاجا على غلاء المعيشة وتأزم الأوضاع الإجتماعية والإقتصادية واستفحال البطالة في المدينة وعدم نيل نصيبها من ثمار التنمية رغم مرور 7 سنوات على الثورة. كما شهدت عدة مناطق الاثنين 09 جانفي 2018، احتجاجات ليلية، لاسيما في طبربة وحي التضامن وحي الانطلاقة وضواحي العاصمة تونس، التي شهدت اشتباكات بين المحتجين والشرطة التي استعملت القنابل المسيلة للدموع من أجل تفريق المتظاهرين وحماية الممتلكات العامة، بعد أن عمد بعض المحتجين إلى محاولة خلع بعض المراكز التجارية لسرقة محتوياتها وقاموا بقطع بعض الطرقات. وقد أسفرت التحركات حسب الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية عن اقتحام مركز الامن الوطني بالبطان من ولاية منوبة وحرق أحد مكاتبه، كما تم اقتحام مركز الامن الوطني بالقطار من ولاية قفصة وبعثرة بعض الوثائق والتجهيزات به وحرقها أمام المركز، قبل اقتحام مستودع القباضة المالية بالقطار وسرقة كمية من السجائر داخلها، واقتحام المستودع البلدي بنفس المدينة وسرقة سيارتين ودراجات نارية منه. كما تم، وفق ما أكده الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية، خلع مغازة بحي الانطلاقة بالعاصمة والاستيلاء على مواد غذائية من داخلها، واقتحام المستودع البلدي بمدينة القصرين الكائن بحي البساتين وسرقة 34 دراجة نارية منه، ورشق أعوان الامن بالحجارة وبزجاجتي مولوتوف ما أسفر عن اصابة عوني أمن ومدير اقليم الامن الوطني بالقصرين باصابات متفاوتة الخطورة. وحسب نفس المصدر فإنه تم أيضا اقتحام مقر معتمدية طبربة واخراج الاثاث من داخله وحرقه، إضافة إلى اقتحام فرع أحد البنوك في طبربة. هذا وتوفي مساء الاثنين 8 جانفي 2018 الشاب "خمسي اليفرني" في المواجهات التي تشهدها مدينة طبربة من ولاية منوبة بين محتجين ورجال الأمن، وأكدت مصادر إعلامية أن الشاب الذي يتراوح سنه بين ال20 و30 سنة يعاني من مرض ضيق التنفس، مبيّنة أنه وبعد التنسيق مع المسؤولين بالمستشفى المستشفي الجهوي بطبربة فإنه من المرجح أن تعود أسباب الوفاة إلى الاختناق. ونفت المصادر ما راج من أخبار حول تعرضه للدهس من قبل سيارة أمنية، موضحا أن المصادر بالمستشفى فندت وجود آثار عنف على جسده، كما أكدت عدم تعرضه إلى أي إصابات ناتجة عن الدهس مثلما يتم الترويج لذلك.