الأزمة الاجتماعية التي عاشت على وقعها تونس خلال الأيام القليلة المنقضية ، فضحت بالمكشوف خطورة التصريحات المثيرة للجدل لقيادات الجبهة الشعبية الذين أثبتوا طوال أيام الاحتجاجات سعيهم إلى خلق البلبلة بالبلاد وتأجيجهم للأوضاع العامة. ولئن فنّدت الجبهة الشعبية صحّة البيان الداخلي المسرّب الذي أزاح الستار عن النية المبطنة للجبهاويين في تحريض المحتجين ، بيد أن التصريحات الموثقة لقيادات الجبهة الشعبية في وسائل إعلامية على اختلاف محاملها ، أثبتت صحة ذلك. فضلا عن ذلك ، كانت السلطات قد أوقفت الخميس عدداً من المسؤولين المحليين والجهويين في "الجبهة الشعبية" للتحقيق معهم في عمليات التخريب التي جدّت، أخيراً، ما دفع قيادة الحزب إلى اتهام رئيس الحكومة يوسف الشاهد بتصفية حساباته عبر اعتقال كوادرها. ووجّهت فرقة التفتيش والأبحاث بولاية قفصة دعوة للتحقيق مع قيادات بالجبهة الشعبية على خلفية الأحداث التي شهدتها معتمدية القطارالإثنين الماضي والتي أسفرت عن حرق مقري الأمن الوطني والقباضة المالية، وذلك عقب اعتراف بعض المشتبه بتورطهم في حرق المقر، بأنّ هذه العملية تمت بمشاركة هذه الأطراف السياسية من ضمن أربعة أحدهم في حالة فرار ، وهو ما اعتبرته قيادات مركزية في الجبهة بأن الشاهد شرع بعد حملة الاعتقالات بتصفية حساباته مع "الجبهة" لإخماد صوتها المعارض. وكان رئيس الحكومة يوسف الشاهد قد وجّه أصابع الاتهام بشكل مباشرة وعلني إلى الجبهة الشعبية بالتحريض على الفوضى والعنف، معتبراً موقفها من قانون المالية لعام 2018 غير مسؤول، وهو ما أثار حفيظة الجبهاويين وغضبهم. و أكّد رئيس الحكومة في هذا الصدد أن: "الدولة صامدة و قوية وستكشف عن كل من حرّض وخرّب، وإنه تم فتح تحقيق ضد من حرّضوا على الفوضى والعنف وسيتم كشفهم للرأي العام خلال الاحتجاجات الأخيرة التي شهدتها عدة مناطق من الجمهورية". ولفت إلى أن "المخربين يخدمون مصالح شبكات فساد وشبكات التهريب ويخدمون أيضاً عدة أطراف سياسية، من بينها الجبهة الشعبية التي تقوم بالتحريض". وأضاف يوسف الشاهد في ذات الصدد إن "موقف الجبهة الشعبية غير مسؤول، حيث إن نواب كتلتها يصوتون لصالح قانون المالية ويتظاهرون ضده". وقال القيادي في حزب الجبهة الشعبية، عمار عمروسية، إنّ الاعتقالات شملت 3 كوادر بقفصة، وآخر بمنطقة الكبارية بالعاصمة، و7 كوادر بالمهدية، إذ وجهت إليهم تهم "سياسية كيدية"، أعطى إشارة انطلاقتها الشاهد، بحسب تعبيره. وأضاف عمروسيّة، أنّ "المناضلين المعتقلين قضوا حياتهم في الدفاع عن الحقوق والحريات في الجبهة وفي النقابات زمن الاستبداد"، معتبراً أن "الشاهد يصفي حساباته السياسية مع الجبهة عبر سلسلة الاعتقالات الممنهجة التي تستهدف كوادر الحزب في مسار سياسة الهروب إلى الأمام". من جانبه، قال رئيس كتلة "الجبهة الشعبية" في البرلمان، أحمد الصديق، إنه "بعد اتهام الشاهد تتوالى منذ الأمس اعتقالات مناضلي "الجبهة الشعبية" في مختلف أنحاء البلاد، لن يثنينا ذلك عن الدفاع عن شعبنا". وتزامن إيقاف قيادات من الجبهة الشعبية مع مؤتمر صحافي عقدته قيادة الجبهة للرد على تصريحات الشاهد الذي وجه أسهم الاتهام بصفة مباشرة إلى الحزب بالتحريض على الفوضى والاستفادة منها. وفي سياق رده على هذه اتهامات رئيس الحكومة، قال القيادي في الجبهة الشعبية المنجي الرحوي ان تصريحات الشاهد متشنجة وصادرة عن شخص مهزوم تم وضعه في الزاوية وفي عزلة عن شعبه . واضاف الرحوي ان تصريحات الشاهد غير مسؤولة قائلا: "ان التخريب والفساد لا يخدمان مصلحة الجبهة الشعبية بل ان الفساد كان يخدم مصلحة نداء تونس والفساد هو الذي اوصلك للحكم في اشارة منه الى تمويل شفيق جراية لحزب نداء تونس في مرحلة سابقة ". ومن جانبه، قال المتحدث باسم الجبهة الشعبية حمة الهمامي إنّ اتهام الجبهة الشعبية يعكس تهرّب الشاهد من المسؤولية فيما يتعلق بالاجراءات التي أقرتها حكومته و يعسى للانحراف بالرأي العام بشكل ممنهج و لفت انتباهه فقط الى أعمال التخريب عوضا عن الزيادات و البطالة و الفقر. وأكّد أن يوسف الشاهد لن يخيف الجبهة بهذه الاتهامات وأن الجبهة الشعبية كانت و ماتزال و ستظل في قلب الاحتجاجات الشعبية، متحديا الحكومة ان كانت قادرة على تقديم شخص واحد ينتمى للجبهة الشعبية متورط في أعمال العنف قائلا ‘نتحداهم كان يكشفوا شكونو الىتشد في القصرين ‘. ودعا الهمامي المواطنين للاحتجاج بوجوه مكشوفة و عارية و نهارا و ليس ليلا و تحت شعار موحد وهو "إيقاف إجراءات قانون المالية. ومن جهته، نشر النائب عن الجبهة الشعبية والناطق الرسمي باسم حزب العمال جيلاني الهمّامي تدوينة على صفحته بموقع الفايسبوك حمل فيها کل المسؤولية لرئيس الحکومة اذا تم الحاق الاذى بحمة الهمامي بعد حملة التحريض التي قال الجيلاني الهمامي أن يوسف الشاهد انخرط فيها وقال الهمامي أنه تم حرق مقر حزب العمال في مدينة العروسة من ولاية سليانة حيث اعتبر أنها فعلة شنيعة حاءت في إطار حملة التحريض على الجبهة الشعبية ومناضليها ورموزها التي تقوم أطراف معلومة على صفحات التواصل الاجتماعي وفي المساجد انخرط فيها رئيس الحکومة نفسه. وأضاف الهمامي ان عملية الحرق تحمل رسالة مضمونة الوصول الي الرفيق حمة الهمامي اصيل هذه المدينة، رسالة تؤيد أخبار أخرى وصلتنا عن تهديدات بالاغتيال ضد الرفيق حمة. من جهته لاحظ القيادي بالجبهة و النائب بالبرلمان زياد الأخضر ان رئيس الحكومة يوسف الشاهد أعطى من خلال تصريحه الإعلامي "حملة ستخوضها الحكومة ضد الجبهة الشعبية عبر عمال مناولة "،مشددا على عدم وجود علاقة بين الجبهة و بين عصابات الفساد التي ذكرها الشاهد . وأضاف ان الخلاف بين الحكومة و التونسيين أعمق من قانون المالية 2018 وما رافقته من إجراءات بل انه "خلاف حول خيارات اجتماعية واقتصادية " مذكرا في هذا السياق بمعارضة الجبهة منذ اكتوبر الماضي لقانون المالية . من جانبها اتهمت النائب عن الجبهة الشعبية مباركة عواينية رئيس الحكومة بأنه "يريد أن يرتهن الشعب إما الى الجوع او الى الخضوع" كما اتهمت حزب "نداء تونس" باستغلال دماء الشهداء للوصول الى الحكم داعية الشباب الى مواصلة تحركاتهم الاحتجاجية "في واضحة النهار" لإسقاط الميزانية وقانون المالية.