يسمونها " ثورة الياسمين " في حين يطلق عليها البعض الآخر لقب " الربيع العربي " لكن جزءا كبيرا من الشعب التونسي لا يأبى سوى أن يلقبها بثورة " الحرية و الكرامة " ، و ان اختلفت الشعارات و تزاحمت فإنّ الدلالة واضحة و المعنى جليّ و لا يمكن اطفاؤه لان تونس اختارت طريقها.. طريقها المشرق . و على امتداد السنوات الماضية ، استطاع التونسيون ان يسطروا مسيرتهم ، فكتبوا في الاثناء دستورا حدثيا و وضعوا نظاما سياسيا جديدا ، مارسوا طقوس الديمقراطية و عايشوا معاني الحرية ، فكانت الصورة مثالية و لا تشوبها شائبة . وداعا للارقام الخيالية ..تونس تسطر اول انتخابات نزيهة في تاريخها نجحت تونس في انجاز ثلاثة انتخابات حرة وشفافة تمثلت في اجراء انتخابات للمجلس الوطني التأسيس(اكتوبر 2011)، انتخابات تشريعية(اكتوبر 2014)، انتخابات رئاسية(جولة أولى نوفمبر 2014)، هذه المحطات الانتحابية لم تشرف عليها وزارة الداخلية وإنما الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وهي هيئة مستقلة عن الحكومة والأحزاب. كما لوحظ نضج سياسي للقوى الحزبية التونسية في الاعتراف وتبادل التهنئة بنتائج الانتخابات ودعوة انصار المتنافسين للتعبير بشكل سلمي عن مشاعرهم، وهو ما أسهم في حصر ردود الفعل في حدود ضيقة. المصادقة على قانون مناهضة العنف ضد المرأة تعتبر اكبر محطة في الحياة البرلمانية خلال السنة 2017 تلك المرتبطة بمصادقة مجلس النواب، بالأغلبية على قانون مناهضة العنف ضد المرأة المصادق عليه يوم 24 جويلية، ووصفت المنظمات الوطنية و الدولية المصادقة على القانون"بالقرار التاريخي" الذي يؤكّد التزام تونس في سبيل حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية. و يتنزل مشروع القانون الأساسي عدد 60-2016 المتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة، في إطار "حماية حقوق المرأة الأساسية في أبعادها الإنسانية التي يتعين كفالتها للمرأة والرجل على حد السواء". وتعتبر تونس رائدة بين الدول العربية في مجال حقوق المرأة، وقد نص الدستور الجديد الذي أقر في 2014 على أن "المواطنين والمواطنات متساوون في الحقوق والواجبات". تونس و العدالة الانتقالية بعد وصول الرئيس السابق منصف المرزوقي إلى الحكم، تم تأسيس هيئة الحقيقة والكرامة المستقلة في 6 جوان عام 2014 لإتمام الخطوات السابقة، وإعطائها فرصة 4 سنوات لإتمام مهمتها مع إمكانية مد عملها لعام آخر، وبالتالي فأمامها أقل من خمسة أشهر لنهاية فترتها المحددة بأربع سنوات. واعتبر مركز الدراسات الاستراتيجية والدبلوماسية في تونس، أن العدالة الانتقالية هي شرط من شروط الانتقال الديمقراطي في البلاد، وأشار في تقرير له في أبريل من العام الماضي أن هناك تقدم في مجال الكشف عن الحقائق، لكن أيضًا هناك غياب للمسائلة الحقيقية وإفلات من العقاب. المصادقة على قانون المحكمة الدستورية دون تسجيل اي اعتراض ،صادق مجلس نواب الشعب، في نوفمبر 2015، على مشروع القانون الأساسي المتعلق بالمحكمة الدستورية ب130 صوتاً واحتفاظ 3 نواب بأصواتهم و ستعوض المحكمة الدستورية، الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين الموكولة لها مهمة النظر في مدى دستورية القوانين المصادق عليها سواء من تلقاء نفسها أو بتقديم طعون من الأطراف المعنية . و ستكون هذه المؤسسة ضمانة لنزاهة المسار الانتخابي، ولتكريس الشفافية والديمقراطية في جميع مراحلها. حق التظاهر مكفول في ممارسة فن " الديمقراطية " أصبح التونسيون يخرجون الى الشوارع للتظاهر بشكل سلمي و الانتقاد دون خوف مع تأمين الحكومة لجميع المسيرات حتى تلك التي تتضمن نقدا لاذعا لها ، و لم تسل قطرة دماء واحدة و لم يتدخل لا الامن و الجيش في سير هذه التظاهرات ، و اصبح بامكان الشعب ان يصدح بما يشاء و بان يطالب بحقوقه كاملة . الديمقراطية التشاركية على الأبواب تعد الانتخابات البلدية المنتظر إجراؤها في ماي 2018 حسب متابعين للشأن التونسي، امتحانًا حقيقيًا ستخوضه الأحزاب السياسية في البلاد نحو تحقيق الحكم المحلي وتخفيف الضغط عن السلطة المركزية، لما للأمر من تأثير على التجربة الديمقراطية الوليدة في البلاد، كما يراهن أغلبية التونسيين على هذه الانتخابات وما ستفرزه من مجالس بلدية وجهوية لتركيز مؤسسات حكم محلي حقيقية تكون حلقة وصل بين المواطن والسلطة المركزية، وتمكنهم من المشاركة في إدارة شؤونهم بأنفسهم وتخفف من وطأة السلطة المركزية.