يتعرض البرلمان بصفة متكررة لإنتقادات لاذعة من قبل منظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام نظرا لتواصل نزيف الغيابات بالمجلس و رغم ترسانة القوانين التي تكدست في أدراج مجلس النواب الا ان ظاهرة الغيابات ما فتئت تستفحل معطلة بذلك مشاريع قوانين مهمة على غرار مشروع قانون الجماعات المحلية و المشروع القانون الأساسي المتعلق بالأحكام المشتركة بين الهيئات الدستورية المستقلة . و تسبب تغيب اكثر من 100 نائب عن الجلسة العامة المنعقدة يوم الاربعاء 17 جانفي 2018 في تأجيل النظر في الفصول المعدّلة من مشروع القانون الأساسي المتعلق بالأحكام المشتركة بين الهيئات الدستورية المستقلة عدد 30 لسنة 2016 وذلك في ظل عدم اكتمال النصاب. و علّل النّائب عن نداء تونس محمد رمزي خميس سبب غياب نواب كتلته بانشغالهم في مهام أخرى تتعلق بالمشاكل المتفاقمة في جهاتهم و اخرى تتعلق بتداعيات الاحتجاجات التي اندلعت في اكثر من منطقة و السبب المركزي لهذا الغياب يكمن في استعداد نواب نداء تونس للانتخابات البلدية ، قائلا: "هذه مرحلة حساسة تستدعي تكاتف مجهودات الندائيين نوابا و قيادات من اجل الاستعداد للاستحقاق الانتخابي ." و كشف نفس المصدر في تصريح ل"الشاهد" أنّ نواب النداء غير معترضين عن الفصول المعدلة للقانون الاساسي المتعلق بالاحكام المشتركة بين الهيئات الدستورية ، مؤكدا انه سيمر في اقرب وقت ممكن . يذكر ان رئيسة "منظمة البوصلة" المختصة في مراقبة أشغال البرلمان، شيماء بو هلال في تصريح لإحدى الصحف ، إن الغيابات في مجلس نواب الشعب ليست استثناءات أو حالات معزولة؛ وإنما ظاهرة جدية يمكن ملاحظتها في مختلف هياكل المجلس، ومن شأنها تعطيل سير الجلسات العامة واجتماعات اللجان، مشيرة في هذا الإطار إلى وجود فرق شاسع بين نسب الحضور ونسب المشاركة في التصويت على مستوى الجلسات العامة، إذ إن مناقشة مشاريع قوانين على مستوى اللجان تكون، في أغلب الحالات، بنسب حضور لا تتجاوز ال50%. وتظهر تقارير الرصد الشهرية لمنظمة "البوصلة" أن كتلة حركة "النهضة" هي اكثر الكتل البرلمانية انضباطًا، إذ تقدّم نواب عن حزب "النهضة" قائمة ترتيب الحضورات، بينما تذيّل نواب عن حزب "نداء تونس" القائمة. يشار الى أن مجلس نواب الشعب كان صادق في 5 جويلية 2017 على القانون الأساسي المتعلق بالأحكام المشتركة بين الهيئات الدستورية المستقلة ب 133 صوتا، في حين تحفظت المعارضة على 5 فصول من القانون وهي الفصول 2 و10 و11 و24 و33 وتقدمت بطعن فيها لدى الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين، يوم 15 جويلية 2017. وقد أقرت الهيئة الوقتية بقبول هذا الطعن، شكلا وأصلا، بعدم دستورية الفصل 33 وما تبعه من تنصيص بالفصلين 11 و24 من القانون الأساسي المتعلق بالأحكام المشتركة بين الهيئات الدستورية المستقلة ورفض الطعن في ما عداه أي في الفصلين 2 و10، وذلك وفق ما أكده حيدر بن عمر، الكاتب العام للهيئة. يشار إلى أن النواب تقدموا بالطعن في دستورية قانون الأحكام المشتركة بين الهيئات الدستورية وتحديدا في الفصول 2 و10 و11 و24 و33، باعتبارها مخالفة للفصلين 125 و130 من الدستور. فبالنسبة إلى الفصلين 11 و24 فهما مخالفان لعنوان الباب السادس والفصل 125 وما بعده من الدستور، لمنحه مجلس نواب الشعب صلاحية الإعفاء، في تضارب مع الدستور الذي يمنح البرلمان مهمة انتخاب أعضاء مجالس الهيئات الدستورية، لا غير، كما ينص على أن مهمة المجلس تقتصر على مناقشة التقرير السنوي للهيئة ولم ينص على المناقشة والمصادقة. واعتبر الطاعنون في الفصلين المذكورين أن "إعطاء البرلمان صلاحية المصادقة على التقرير المالي للهيئة هو تجاوز للصلاحيات المقررة بالدستور". أما بخصوص الفصل 33 من مشروع القانون موضوع الطعن، فقد اعتبر النواب في عريضتهم أنه "يتعارض مع مقتضيات الفصول من 125 إلى 130 من الدستور، لتنصيصه على آلية سحب الثقة من مجلس الهيئة أو من عضو أو أكثر من أعضائها، وهو ما لم ينص عليه الدستور"، حسب رأيهم.