لا شك ان البنية الحزبية في تونس باتت مهدّدة بالسقوط في أيّة لحظة ، خاصة و ان حالة التشتت السياسي قد أفضت إلى غير المقصود منها، بعد أن بات انقلاب المواقف و تناقض الآراء سمة تميز الفاعلين السياسيين في تونس ، إذ أضحت المواقف في الاونة الاخيرة تتلون حسب الظروف و حسب الاهواء ما يدفعنا الى التساؤل حول الدافع النفسي الذي يدفع ببعض الاحزاب لممارسة "فن التناقض" ام ان انقلاب الاراء نفسه اضحى اداةيتسلح به السياسيون في المعركة الانتخابية . هذا وتسود حالة قصوى من التوتر صلب حزب افاق تونس الذي يخوض معارك مشحونة بين قياداته، وإن فضّل الحزب التكتّم عن هذه المشاحنات فان جزءا كبيرا منها خرج إلى العلن فاضحا ما يتستر عن الحزب ، الذي انقسم بدوره إلى شقين ، شق داعم لرئيس الحزب ياسين ابراهيم و شق ساخطٌ عليه، و بين هذين الشقين هناك من اختار لنفسه موقع ما بين البينين ، فيعلن تمرده و غضبه تارة و يعلن وفاءه طورا ، و دعونا لا نستثني في ذلك رئيس المكتب السياسي للآفاقيين كريم الهلالي الذي قدم استقالته من الحزب قبل أسبوعين احتجاجا على القرارات الاحادية الذي يتخذها رئيس الحزب ياسين ابراهيم ، ليعود و قبل انتهاء الاسبوع الثاني الى احضان حزبه مناشدا من كان الامس عدوّه . و أكّد رئيس المكتب السياسي لآفاق تونس كريم الهلالي أنّ رئيس حزبه ياسين ابراهيم رفض استقالته التي قدّمها منذ حوالي أسبوعين. وأوضح الهلالي، في تصريح ل"الشارع المغاربي" أمس السبت 20 جانفي 2018، أن هذا الرفض جاء بعد حديث مطوّل دار بينه وبين رئيس الحزب وبتدخّل مجموعة من أسماهم ب"العقلاء والناس الكبار". واعتبر نفس المصدر أنّ هذه الخطوة تعدّ إيجابية في مسار إعادة لمّ شمل الحزب ورصّ صفوفه، مضيفا أن ياسين إبراهيم أعلن خلال اللقاء المذكور أنّ لديه "مشروعا هامّا" للبلاد وأنّ ما طرحه حظي بتجاوب كبير من قيادت "آفاق". وحثّ الهلالي كافة قياديي الحزب مهما بلغت اختلافاتهم على التجاوب مع "خطوة إبراهيم" حتى يتمكّن الحزب من تجميع قواه ووضع نفسه على سكّة الاستعداد للانتخابات البلدية القادمة. يُذكر أن كريم الهلالي النائب عن آفاق تونس كان قد أعلن عن استقالته من حزب افاق تونس يوما واحد بعد إعلان المكتب السياسي للحزب انسحابه من وثيقة قرطاج، القرار الذي كان قد صدر عن المجلس الوطني ل"آفاق" وأفضى الى خروج اعضائه بالحكومة من الحزب. وأرجع الهلالي أسباب استقالته الى "مسائل شخصية" والى عدم رضاه عن طريقة تسيير الحزب في اشارة ضمنية الى رئيسه ياسين ابراهيم. و يرى مراقبون انه من الغريب ان يصدر عن نفس القيادي موقف معين و في نفس الفترة ينقلب إلى نقضيه ، فكريم الهلالي الذي قال ان خطوة الخروج من وثيقة قرطاج هي خظوة الى الوراء يعود اليوم ليقنع قيادات الحزب بالالتفاف حول ياسين ابراهيم و التجاوب مع قراراته حتى لو كانت " احادية " و ذلك للاستعداد للانتخابات البلدية . يشار الى ان الهلالي يترأس المكتب السياسي لافاق تونس وكان من بين القيادات التي قاطعت التصويت في اجتماع المجلس الوطني عند طرح ملف بقاء الحزب ضمن مجموعة الموقّعين على وثيقة قرطاج.