رغم أن التونسي معروف بكفاءته في الخارج، إلا أن أغلب الدراسات في تونس ألصقت به صفة "الكسل والخمول"، وشدد أغلب القائمين على ملف التشغيل بعد الثورة على أن "التونسي لا يرغب في العمل"، وأن "مواطن التشغيل موجودة، لكن الشباب لا يقبل بها". وبالنظر الى الكم الهائل من التحركات الاحتجاجية في كامل أنحاء البلاد، التي ينفذها عاطلون عن العمل يطالبون بالتشغيل، فإن ذلك يطرح، ما إذا كان الاشكال فعلا في الشباب التونسي، وتراجع ثقافة العمل لديه، أما أنها منفذ المسؤولين في الحكومات التونسية المتعاقبة لتغطية عجز الدولة. في هذا الشأن، أكد المدير العام للمعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية ناجي جلول، الأربعاء 24 جانفي 2018، أن نسبة الشباب التونسي الذي يقود مؤسسات ويسيرها تقارب 5 بالمائة، وتغلق نحو 23 بالمائة من مجموع المؤسسات المحدثة بعد أقل من ثلاث سنوات من انبعاثها. وعدّد جلول، خلال ورشة بادر المعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية بتنظيمها بضاحية قرطاج، أسباب عزوف الشباب عن ريادة الأعمال وفشل أغلب المؤسّسات الجديدة، مشيرا إلى أنّها تتعلق بغياب ثقافة العمل وروح المبادرة وخلق الثروة والجرأة وانعدام ثقافة النجاح، فضلا عن عدم توفّر الضمانات التي تخوّل للشاب الحصول على قرض بنكي، وهو ما يطرح بدورة مشكل الحوكمة والتسيير. ولتجاوز هذه المعوقات دعا وزير التربية السابق إلى تضافر جهود الأطراف المتدخّلة من مسؤولين سياسيين والاتحاد العام التونسي للشغل والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية والمجتمع المدني، بهدف الحفاظ على الطاقات الشابة والكفاءات التي تزخر بها البلاد. من جانبه، أفاد مدير قسم الشباب بالمعهد رامي محفوظ أنّ نسبة مسيري وقادة المؤسسات الاقتصادية من الشباب لا تتجاوز 5 بالمائة، مشيرا إلى أن أغلب طالبي الشغل من هذه الفئة يكتفون اليوم بالبحث عن موقع بالوظيفة العمومية وعدم اقتحام مجال ريادة الأعمال. وبينت رئيس مركز القادة الشبان وفاء لعميري أن أبرز عائق يحول دون اقبال الشباب على المبادرة الخاصة، هو انعدام مرافقة المستمثر الشاب اثر بعث مشروعه لضمان ديمومته واستمراريته مبرزة أهمية ايلاء مرحلة ما بعد بعث المشروع الاهمية التي تستحقها سيما أن 80 بالمائة من المشاريع تفشل نظرا لعديد المشاكل التي يواجهها الباعث في ظل غياب المرافقة والتأطير اللازم. وكان وزير التكوين المهني و التشغيل فوزي عبد الرحمان في مداخلة له على قناة دوتش فيل الألمانية ان بعض الشباب التونسي لا يريد العمل. وأضاف وزير التشغيل ان الشباب التونسي يريد العمل فقط في الاقتصاد الموازي المتعلق اساسا بالتهريب وقد رفض عدد من الحاضرين ما طرحه وزير التشغيل. و ليست هذه المرة الاولى التي يدلي فيها الوزير بتصريحات مستفزة، اذ أفاد فوزي عبد الرحمان في حوار اذاعي اجراه في 14 أكتوبر المنقضي "أن الشباب يطالب بالعمل في الوظيفة العمومية مضيفا "على خاطر ما عندوش ثقة في روحو". هذا و أكد أن تونس فيها 155 ألف طالب شغل مسجلين رغم وجود 620 ألف عاطل عن العمل، موضحا فما بطّالة ماهمش يلوجوعلى خدمة، أما لاهين يشيّشوا في القهاوي. ورغم أن الحكومة تضع تشجيع الشباب على الانتصاب للحساب الخاص من أوكد أولوياتها، إلا أن الشباب الذين لهم أفكار مشاريع غالبا ما يصطدمون بعدّة عوائق وصعوبات في مقدمتها تعقيدات الاجراءات الادارية و كثرة الوثائق التي لا يتحملون نفقاتها، علاوة على عدم جدية المؤسسات المعنية بهذا الملف في الاقتراح وتوجيه الشباب الباحث عن الخلاص من الفقر والبطالة، الى جانب طول مدة الحصول على الموافقة المبدئية على بعث فكرة المشروع. ينضاف الى ذلك، بقاء صفقات القطاع العام مثل البريد وغيرها حكرا على كبار المقاولين، فضلا عن صعوبة الشروط المطلوبة.