ما انفكت ملفات الفساد تزدادُ يوما عن يوم اذ غرقت مكاتب القضاة والمحاكم بعدد كبير منها بالاضافة الى تلك التي لا تزال لدى الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد ،هذا الهيكل الذي تلقى آلاف الملفات منها ما هو قيد الدرس ومنها ما تمت إحالته على القضاء للنظر فيه . و بعد استجابة الحكومة لمطالب العائلة الداخلية للقضاء و توفير الامكانيات اللازمة لمباشرة القضاة مهامهم ، لم يعد هناك عذرٌ للقضاة للمماطلة أكثر في البتّ في ملفات الفساد التي بقيت حبيسة الادراج لعدم توفر الموارد البشرية و اللوجستية. ووفق الإحصائيات الأخيرة التي ذكرت بها الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد فإن عدد الملفات المحالة منها على النيابة العمومية قد بلغ 169 ملفا وذلك إلى حدود 22 ماي المنقضي،من جهتها تولت النيابة العمومية إحالة تلك الملفات إلى الأطراف المختصة إذ أحيل إلى القطب القضائي المالي والاقتصادي 27 ملفا، أما عدد الملفات المحالة على قلم التحقيق بالمحاكم الابتدائية بتونس فقدرته الهيئة ب 12 ملفا مقابل 23 آخرين أحيلوا على قلم التحقيق بباقي المحاكم الابتدائية بالجمهورية وفق نص البيان الذي أصدرته الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في وقت سابق . وتجاوزت قضايا الإرهاب المعروضة على أنظار القضاء 1400 قضية حسب مصادر إعلامية متطابقة، وهو ما تعتمده وزارة العدل كحجة لتبرير بطء سير المحاكمات حيث لم يتم النظر منذ أربع سنوات سوى في 300 قضية أحيلت على جهات قضائية متخصصة للحكم فيها. ويقبع آلاف المتهمين في قضايا إرهابية في سجون الإيقاف دون صدور أحكام نهائية في حقهم وهو ما يمثل خطرا على بقية السجناء (سجناء الحق العام) وسهولة نشر أفكارهم والترويج لمشروعهم الجهادي، في ظل غياب تام لبرامج إعادة التأهيل والإدماج. وأفاد بعض المراقبين بأن القضاء يسعى إلى إنهاء النظر في جميع ملفات الإرهاب العالقة، مؤكدين أن الجهاز الأمني يحيل على المحاكم ملفات تنقصها الكثير من المعطيات الضرورية مثل مكونات الإدانة. في حين يعتبر آخرون أن الملفات المقدمة من قبل وزارة الداخلية تستوفي جميع المعطيات والشروط القانونية محمّلين المسؤولية للقضاء الذي قام في العديد من المناسبات بحفظ التهم المتعلقة بالإرهاب وعدم سماع الدعاوى. و أمام الكم الهائل من الملفات المحالة على انظار القضاء ، اضحى من الضروري النظر في هذه الملفات التي اقل ما يقال عنها انها متشعبة و معقّدة و التي لازمت ادراج مكاتب القضاة لفترة ليست بالهينة ، فيما تتطلع كل الانظار صوب العائلة القضائية خاصة و انها تشرف على ملفات احيلت على اثر الحرب التي خاضها رئيس الحكومة يوسف الشاهد على الفساد . و في سؤالها عن أهم ما تحقق للقضاء في 2017 ، اكدت رئيسة جمعية القضاة التونسيين روضة القرافي ، ان ما تحقق تعلق بتحسين الوضع المادّي للقضاة من خلال ما تم اقراره من الترفيع في مرتباتهم بعنوان منحة القضاء للأصناف الثلاثة العدلي والإداري والمالي . وأضافت في ذات السياق أنه تم أيضا تمكين صنف القضاة الملحقين بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب والقطب الإقتصادي والمالي من منحة خصوصية لم يتم بعد نشر الأمر المتعلق بها مشيرة إلى أن ما تحقّق أيضا للقضاء هو عملية الإنتدابات الجديدة التي تمّت في الأصناف الثلاثة العدلي والإداري والمالي معتبرة أن ذلك سيساعد على التخفيف من مشكل ضغط الأحجام الكبيرة للعمل بها. كما تم أيضا الترفيع في ميزانية تعاونية القضاة التي تعنى أساسا بالتغطية الصحية للقضاة حيث بلغت هذه الميزانية بعد الترفيع فيها ب 500 الف دينار مليون دينار. و خاضت العائلة القضائية في سنة 2017 تحركات قويّة ومشهودة على الساحة العامّة ، مطالبة الحكومة بتوفير موادر بشرية و مادية ولوجستية تعانها على ممارسة دورها في محاربة الفساد عبر البتّ في الملفات العالقة .