لا يفصلنا سوى أسابيع قليلة عن موعد الانتخابات البلدية التي من المزمع إجراؤها في 6 ماي القادم، بيد أن أجواء الاستعداد لهذا الاستحقاق البلدي الأول مابعد الثورة يعدّ باهتا جدّا الامر الذي خلق عديد التخوفات من خلق عزوف في لمشاركة في هذه الانتخابات. وتشير بعض التوقعات إلى الإشارة إلى أن غالبية الأحزاب ليست مُستعدة بما فيه الكفاية لهذا الاستحقاق الانتخابي، باستثناء حركة النهضة التي يبدو أنها جاهزة لخوض هذه الانتخابات، فيما اكتفى الائتلاف الحزبي الجديد "الاتحاد المدني" الذي يتألف من 11 حزبا، بالإعلان عن أنه سيُشارك بقائمات ائتلافية في 48 دائرة انتخابية من أصل 350 دائرة، بينما يسعى الائتلاف الحزبي اليساري "الجبهة الشعبية" جاهدا إلى محاولة المشاركة في هذه الانتخابات في أكبر عدد ممكن من الدوائر. وفي خضم هذا الشأن، حذر الدبلوماسي السابق عبدالله العبيدي من هذا المناخ الذي يسبق الاستحقاق الانتخابي، ووصفه ب"الخطير" لأنه "يُعمق حالة العزوف عن المشاركة في الانتخابات بما يخدم مصلحة الأحزاب التي لها قاعدة انتخابية ثابتة". وأضاف ، في الصدد ذاته، إن "لامبالاة الأحزاب وانعدام ثقة المواطن في الأحزاب والنخب السياسية، بالإضافة إلى حالة اليأس والإحباط السائدة حاليا، من شأنها مضاعفة العزوف الذي يُرجح أن يكون لافتا خلال الانتخابات المُرتقبة". كما أشالر في تصريح لصحيفة العرب إلى أن نتائج سبر الآراء الحديثة التي أنجزتها مراكز تونسية وغربية، تؤكد أن نسبة تشاؤم التونسيين من أداء النخبة السياسية وصلت إلى 89 بالمئة، فيما وصلت نسبة التونسيين الذين يعتبرون أنفسهم غير معنيين بالاستحقاق الانتخابي القادم إلى 78 بالمئة. وأعاد العبيدي التذكير بالأجواء التي سادت أثناء الانتخابات التشريعية الجزئية في دائرة ألمانيا، والتي دقت ناقوس الخطر لجهة العزوف عن المشاركة، حيث لم يتجاوز إقبال الناخبين على صناديق الاقتراع نسبة 5 بالمئة. ورأى العبيدي أن لامبالاة الأحزاب وغياب الحراك السياسي والإعلامي المرتبط بهذا الاستحقاق الانتخابي، كلها عوامل تُبقي الباب مفتوحا على كل الاحتمالات، خاصة وأن موعد هذا الاستحقاق اقترب كثيرا، وكان يُفترض أن تواكبه ديناميكية حزبية وسياسية في إطار الاستعداد له. في المقابل، اعتبر القيادي بنداء تونس وسام السعيدي ان مسألة العزوف عن الانتخابات تبقى مُقلقة، لكن ليس إلى حد الخطر الذي قد يؤثر على سير العملية الانتخابية. ولفت ، في تصريح اعلامي، الى أن الأجواء العامة في البلاد "عادية"، وتعكس اهتمام واستعداد الأحزاب لهذا الاستحقاق الانتخابي، مؤكدا أن حركته "أتمت استعداداتها بتشكيل القائمات الانتخابية، وستُشارك في كافة الدوائر الانتخابية دون استثناء".