رغم أنها لم تتجاوز الأزمة السياسية التي سببتها انسحابات بعض الأحزاب من وثيقة قرطاج، ومحاولة نداء تونس التملص من سياسة التوافق مع حركة النهضة، يبدو أن تونس على أبواب أزمة اجتماعية بطلاها المنظمة الشغيلة ومنظمة الأعراف، اللتان بصدد فتح ملفات قديمة مؤجلة. ومن أبرز الملفات الخلافية الآنية بين الطرفين ملف خوصصة المؤسسات العمومية والتي يعتبرها اتحاد الشغل خطا أحمر، فيما تعتبر منظمة الأعراف أن بعض المؤسسات العمومية خاسرة وتثقل كاهل الموازنة العامة للدولة وأنه من الضروري التفريط فيها للقطاع الخاص. ويتوقع مراقبون أن تشهد علاقة أعرق منظمتين في تونس توترا وتصادما حول العديد من الملفات العالقة رغم تأكيد الرئيس الجديد لمنظمة الأعراف منذ اليوم الأول الذي تسلم فيه مهامه، أن علاقة منظمته باتحاد الشغل ستكون في عهده مبنية بالأساس على التوافق وعلى نهج الحوار، بعد دعوة اتحاد الشغل منظمة الاعراف الى المشاركة في ملف المفاوضات الاجتماعية مع الطرف الحكومي والذي يشمل زيادة في أجور الأجراء والعاملين في القطاع الخاص والعام والتسريع في موعد إطلاق المفاوضات. وتشمل المفاوضات قطاعات ثلاثة، وهي الوظيفة العمومية والقطاعان العام والخاص، بجانبيها الترتيبي والمالي. وحدد شهر فيفري تاريخا للمفاوضات بدلا عن شهر أفريل، ووقع الاتفاق مسبقا مع الحكومة ومع الرئيسة السابقة لمنظمة أرباب العمل وداد بوشماوي. في هذا الشأن، أكد الامين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي، أن الاتفاق مع الشريك الاجتماعي المتمثل في الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، يقضي بانطلاق المفاوضات للزيادة في أجور القطاع الخاص، بجانبيها الترتيبي والمالي في شهر مارس القادم. وشدد على ان المفاوضات الاجتماعية القادمة لن تكون سهلة " خاصة وانها ستكون مفاوضات قطاعية وباعتبار الوضع العام بالبلاد، داعيا النقابيين الى احكام الاعداد لهذا الموعد الهام. واشار الطبوبي على هامش افتتاحه لاعمال المؤتمر العادي الرابع عشر للجامعة العامة للنفط والمواد الكيمياوية الى ان الاتحاد سينظم قريبا ندوة تكوينية لمختلف الوفود التفاوضية قبل انطلاق المفاوضات. وعبر عن الأمل في ان يتم التعجيل بانطلاق المفاوضات الاجتماعية باعتبار تدهور المقدرة الشرائية لكل الفئات الاجتماعية حتى قبل موعدها المحدد بشهر مارس بالنسبة إلى المفاوضات القطاعية بجانبيها الترتيبي والمالي بالنسبة إلى القطاع الخاص وفي شهر افريل بالنسبة إلى القطاع العام والوظيفة العمومية بمقتضى الاتفاقيات الممضاة مع الشريك الاجتماعي ومع الحكومة. وأكد ضرورة إفراد بعض القطاعات على غرار قطاعي اساتذة التعليم العالي والاطباء الجامعيين بمفاوضات خاصة باعتبار خصوصية هذه القطاعات والدور المنوط بعهدتها وفي اطار العمل على المحافظة على النخب التونسية. من جهته، أكد الامين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل حفيّظ حفيّظ في تصريح صحفي أن الإتفاق الإطاري الممضى مع إتحاد الصناعة تحت إشراف رئيس الحكومة نصّ على الدخول في مفاوضات جديدة في إفريل 2018 وستكون مفاوضات قطاعية وليست ممركزة ، مشدد على أن الظرف لم يعد يحتمل السكوت على المسائل الترتيبية بإعتبار انها لم تعد تتلاءم مع ما ورد في دستور 14 جانفي والمعايير الدولية ولما ورد في العقد الإجتماعي والبرنامج الوطني للعمل اللائق، وبالتالي ما توصلنا إليه في التشريعات العليا يجب ان يُترجم في التشريعات الدنيا. في المقابل، ذكر، عضو المكتب التنفيذي لمنظمة الأعراف توفيق العريبي في تصريح ل"العرب" أن "المكتب التنفيذي المنتخب مؤخرا لم يجتمع بعد ولم يحسم مسألة موعد انطلاق المفاوضات الاجتماعية مع اتحاد الشغل أو وزارة الشؤون الاجتماعية". واعتبر العريبي أنه "ليس من حق الاتحاد العام التونسي للشغل أن يقرر بمفرده موعد انطلاق المفاوضات"، وأشار إلى أن "المنظمة مازالت لم توزّع أصلا المهام والصلاحيات صلب هياكلها المنتخبة والجديدة".