كثر الحديث خلال الفترات الأخيرة حول الاصلاحات الاقتصادية التي تقوم بها تونس للنهوض بالاقتصاد وإخراج البلاد من عنق الزجاجة وتخليصها من أزمتها المالية الخانقة و اشتد الجدل حول هذه المسألة مؤخرا سيما وقد وجهت أحزاب المعارضة أصابع الاتهام إلى الحكومة بأنها تخضع إلى ضغوطات صناديق النقد وإملاءات الدول الأجنبية. و مع اتساع دائرة الجدل حول هذه المسألة ، خرج رئيس الحكومة يوسف الشاهد عن صمته وأكد إن الإصلاحات الموجعة التي بدأت تونس بتنفيذها ضرورية لإنقاذ اقتصاد البلاد، لافتا في الصدد ذاته إلى أنها ليست مفروضة على تونس من قبل صندوق النقد الدولي ، كما سبق أن روج إلى ذلك عدد من الأطراف السياسية التي زعمت أن الحكومة تنفذ اشتراطات صندوق النقد الدولي وغيره من الجهات المانحة على حساب التونسيين الذين يعيشون صعوبات اجتماعية واقتصادية. واعتبر الشاهد ان "إصلاح الصناديق الاجتماعية وإصلاح قطاع الوظيفة العمومية ضروري وليس إملاءات من صندوق النقد الدولي". وأكد رئيس الحكومة أن "البوادر الإيجابية للإصلاحات التي تم الانطلاق فيها بدأت تظهر". وأوضح أن تونس لجأت لصندوق النقد الدولي من أجل التمتع بقروض نسبة تسديدها منخفضة. كما أشار إلى أن تونس بدأت في استعادة عافيتها من خلال تسجيل تطور في نسب النمو رغم ما تمر به المالية العمومية من صعوبات. وكانت أحزاب المعارضة قد وجهت أصابع اللوم إلى الحكومة متهمين إياها بالخضوع إلى شروط وأوامر الجهات المانحة في تنفيذ إصلاحات في العديد من القطاعات على حساب موظفي القطاع العام والطبقات الاجتماعية البسيطة. و اعتبروا ان قانون المالية للعام الحالي سعت من خلاله الحكومة إلى إرضاء المانحين أكثر من تفكيرها في قدرة التونسيين على مجابهة غلاء المعيشة، حيث زاد ارتفاع الأسعار وفرض ضرائب جديدة مشكلات المقدرة الشرائية للتونسيين خاصة أصحاب الدخل المحدود. هذا و يعتبر خبراء الاقتصاد أن الحكومة تسعى لطمأنة الجهات المانحة والمقرضين من أن الأوضاع تحت السيطرة وتحرز تقدّما في تنفيذ برامجها وأولوياتها. وقال الخبير الاقتصادي ووزير المالية الأسبق حسين الديماسي ، إن "الشاهد أراد نوعا ما أن يطمئن المسؤولين عن صندوق النقد الدولي" بهدف الحصول على القسط الثالث من القرض. وأضاف ، في تصريح للعرب، "أنا أرى أن تصريح رئيس الحكومة له تأثير دبلوماسي أكثر منه إصلاحي"، مشيرا الى أن الحكومة تتخذ قرارات غير مطابقة لشروط ومطالب القائمين على صندوق النقد الدولي. هذا وأكد الديماسي أن المؤسسة الدولية غير راضية على مسار التفاوض على الزيادة في رواتب القطاع العام، "وبالتالي يجب طمأنتها على الإصلاحات التي اشترطتها"، مضيفا ان "الحكومة لم تحقق تقدّما بشأن طلبات الصندوق إلى الآن"، مشددا على أن الوظيفة العمومية هي القطاع الوحيد الذي يستطيع يوسف الشاهد أن ينفذ فيه إصلاحات.