دخل كلّ من اتحاد الشغل و منظمة الأعراف سنة 2018 بشعار جديد وهو "الاضراب عن الاضراب"أي الامتناع عن إجراء أي إضراب في البلاد من شأنه أن يُعرقل المؤسسات ويوقف الإنتاج ، نظرا للخسائر الفادحة التي تسببت بها الاضرابات للاقتصاد الوطني. و أضحت الاتّحادات الوطنيّة تعرف حدود تدخلها في عمل المؤسسة وأدوارها الحقيقية بعيدا عن التجاذبات السياسية خاصة و انها اتُّهمت في وقت سابق بأنها تتبنَي في الخطاب السياسي و تستثمر القوّة العماليّة لتكون وسيلتها لممارسه الضغط على السلطة لفرض مطالبها وهو ما يتعارض مع أبجديات العمل النقابي. و يرى مراقبون أنّه يتوجب على النقابات أن تكون المتعاون الأكثر حيويّة والأكثر ضرورة لسلطة الدولة. تقودها الطليعة الواعية للطبقة العاملة، في نشاطها النقابي والاقتصادي . و عبّر الأمين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي عن أمله في توقّف الإضرابات بالبلاد ،شريطة توفّر المناخ الاجتماعي الملائم لذلك، داعيا منظمة الأعراف والوزارات المعنية إلى إرساء منوال حوار اجتماعي جديد يكرس مقومات العمل اللائق والإنتاج. وقال "نحن مع اضراب عام ضدّ الاضرابات ولكننا أيضا مع الاضرابات ضدّ من لا يضمنون حقوق العمال، الاضراب ليس غاية في حدّ ذاته بل هو وسيلة للمطالبة بالحقوق"وأكّد الطبوبي أنّ تونس لم تعد تحتمل أي توترات، وهي في حاجة الى دفع عجلة التنمية، وفق تعبيره. من جانبه ، أعلن رئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية سميرماجول، في تصريح إعلامي عقب لقائه ،شهر جانفي الماضي، برئيس الحكومة يوسف الشاهد، أنّ لمنظمة الأعراف برنامجا للنهوض بالبلاد، داعيا إلى تظافر الجهود واتخاذ قرارات من شأنها تحرير عديد القطاعات منها الصناعات التقليدية والمؤسسات الصغرى والمتوسطة. و كشف، سمير ماجول، هذا الاسبوع عن برنامج مع الاتحاد العام التونسي للشغل تحت شعار "اضراب عام عن الاضرابات". و ستضمن خطوة الاضراب العام عن الاضرابات ثلاث مزايا للشعب التونسي، وهي إمكانية عودة الإنتاج، استقرار المؤسسات على مستوى الانتاجية، واحتمالية قدوم مستثمرين جدد، وبالتالي ضخ دماء في شريان الاقتصاد. وأعرب ماجول في تصريح اذاعي على هامش موكب توقيع اتفاق حول شركة "ستيب" بمقر وزارة الشؤون الاجتماعية، عن امله لتحقيق هذا البرنامج الذي تم عرضه على الأمين العام للمنظمة الشغيلة نور الدين الطبوبي، مؤكدا أن كل اشكال عمالي سيتم تداركه على الفور بالاتفاق وفي اطار الحوار بين المنظمتين. وشدّد على أهمية زيادة الانتاج وتحسين الانتاجية وخلق فرص العمل لإرجاع الاقتصاد الوطني إلى نسقه العادي، مشيرا إلى أن الرسمال البشري والصناعي من مشمولات المنظمتين وعلى الدولة توفير المناخ الملائم للانتاج. و تعدّ حرية تأسيس النقابات والانتماء النقابي من الحقوق الأساسية التي نصت عليها القوانين الدولية وأكدتها القوانين والتشريعات الوطنية، وقد جاء هذا الحق بعد تدافع قوي وصراع مرير خاضته الطبقة الشغيلة وخاصة في أوروبا منذ فترة غير يسيرة. و يرى محللون أنّ الفضل في تاسيس النقابات يعود إلى رواد الحركة النقابية البريطانية الذين كانوا أول من أنشأ النقابات بين أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر، عندما كانت الرأسمالية الصاعدة تشق طريقها بصرامة ولا تعرف الرحمة، وتحقق تراكماتها وملايينها باعتصار العامل، وتفرض كأي منتصر أوربي – شرعة القهر – على رعاياها المغلوبين. و بدأ الاعتراف رسميا بالنقابات في سنة 1871، وفي فرنسا سنة 1848، ثم توالى الاعتراف بعد ذلك في أوربا وغيرها من بلدان العالم.