لا يزال الوضع المالي في تونس متفاقما في ظلّ ما يعيشه الدينار التونسي من تغيرات و انخفاض مستمر في قيمته ، و خاصة بعد أن كشفت البيانات الرسمية للبنك المركزي أن مخزونه من العملة الصعبة في تراجع مستمرّ رغم الاجراءات الترقيعية التي وضعها ما يحيل إلى مدى تفاقم الوضعية الماليّة التي تمرّ بها البلاد.. وفي أكثر من مناسبة، أطلق البنك المركزي صيحة فزع حول تآكل مخزونه من العملة الصعبة رغم الاجراءات الترقيعية التي وضعها ما يحيل إلى مدى تفاقم الوضعية الماليّة التي تمرّ بها البلاد. وقد انخفض احتياطي النقد الأجنبي في تونس إلى مستوى قياسي خلال شهر جانفي ، بحسب ما أفاد به البنك المركزي الثلاثاء. وأكد البنك ان احتياطي النقد الأجنبي وصل إلى مستوى 8.11 مليار دينار ليغطي 84 يوما من الواردات. وكان الاحتياطي في حدود 12 مليار دينار في نفس الفترة من العام الماضي ما يغطي 101 يوم من التوريد. ويعزى هذا الهبوط أساسا إلى تراجع قيمة العملة المحلية واتساع عجز الميزان التجاري ليصل إلى مستوى 2.6 مليار دولار في 2017. وكانت الحكومة قد أعلنت في وقت سابق عن عملية مراجعة للعديد من السلع الموردة بهدف الضغط على الواردات. وعلى مدى السنوات السبع الماضية منذ اندلاع الثورة يعانى الاقتصاد التونسي من عدة تحديات أبرزها ارتفاع نسبة البطالة وزيادة الديون الخارجية وتراجع سعر صرف الدينار مقابل العملات الرئيسية.. وفي سياق متصل، أعلن مكتب الإحصاء بدوره ان معدل التضخم السنوي في تونس ارتفع إلى 6.9 في المائة في جانفي ، أعلى مستوى في 20 عاما، من 6.4 في المائة في ديسمبر. وتتعرض تونس لضغوط من صندوق النقد الدولي لتسريع وتيرة الإصلاحات الاقتصادية وإنقاذ اقتصادها المتعثر. لكن حكومات متعاقبة فشلت في إحداث التغييرات اللازمة لتقليص عجز الميزانية وتسريع النمو. ولعل الوضع الحرج الذي تعاني منه المالية في تونس تدعّم بقرار مفوضية الاتحاد الأوروبي إدراج تونس في قائمة الدول "عالية المخاطر" في مجال تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، وهو ما دفع رئيس الحكومة يوسف الشاهد إلى الانطلاق في تفعيل إجراءات اعفاء محافظ البنك المركزي التونسي من مهامه عملا بأحكام الفصل 78 من الدستور. وينص الفصل 78 على أن رئيس الجمهورية يتولى بأوامر رئاسية "تعيين محافظ البنك المركزي باقتراح من رئيس الحكومة، وبعد مصادقة الأغلبية المطلقة لأعضاء مجلس نواب الشعب. ويتمّ إعفاؤه بنفس الطريقة أو بطلب من ثلث أعضاء مجلس نواب الشعب ومصادقة الأغلبية المطلقة من الأعضاء". كما قدم رئيس الحكومة مقترحا الى رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي بتعيين الخبير الإقتصادي لدى البنك الدولي المكلف بالملف الليبي مروان العباسي خلفا له.