من أجل الضغط على القرار السياسي، تتقن الدول الأوروبية سياسة لي الذراع من أجل فرض مواقفها السياسية على البلدان التي يعرف اقتصادها تبعية وفي حاجة إلى الدعم اللوجستي والمادي. ويتفق الجميع على أن تونس تتأثر سلبا بموازيين قرارات الاتحاد الأوروبي الاخيرة خاصة أن الكفة السياسية هي من تعدل اوتار الميزان الاقتصادي الذي يبقي في خلاف على مستوى البديل الذي يمكن أن يصنعها الاخير. فكان تبعا لذلك، قرار البرلمان الأوروبي في جلسة عامة الاربعاء 07 فيفري 2018، بتصنيف تونس ضمن القائمة السوداء لتبييض الاموال ودعم الإرهاب، وقد أثار القرار جدلا واسعا في الاوساط السياسية والرسمية، حيث عبّرت تونس عن استيائها للقرار الذي اتخذته مفوضية الاتحاد الأوروبي بإدراجها في قائمة الدول "عالية المخاطر" في مجال تبييض الأموال وتمويل الإرهاب. واعتبرت في بيان لوزارة الخارجية، أن المسار الذي اتبعته المفوضية الأوروبية في اتخاذ هذا القرار كان مجحفا ومتسرعا في حقها، باعتبار أن المفوضية، في ظلّ غياب منظومة تقييم مالي خاصة بها، تبنت بصفة آلية تقريرا صادرا عن مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MENA/GAFI)، والحال أن بلادنا التي خضعت بصفة طوعية لمتابعة هذه المجموعة كانت قد اتفقت معها على خطة عمل، قطعت خطوات هامة في انجازها، تتضمن جملة من التعهدات تهدف إلى تطوير منظومتها التشريعية والمالية قبل موفى سنة 2018. وعبّرت حركة النهضة في بلاغ لها عن استيائها "الشديد من القرار المجحف الذي اتخذته مفوضية الاتحاد الأوروبي بإدراج تونس في قائمة الدول عالية المخاطر في مجال تبييض الاموال وتمويل الإرهاب"، ووصفت النهضة القرار "بالظالم" في حق تونس ولا يراعي حجم الاصلاحات والتشريعات المهمة لمقاومة الارهاب ومحاربة تبييض الاموال في تونس. كما دعا المكتب التنفيذي لحركة النهضة الحكومة بجميع هياكلها الى بذل قصارى الجهد لمعالجة هذه الوضعية كما طالب المفوضية الأوروبية باستعجال سحب تونس من هذه القائمة خاصة وأن 376 نائبا أوروبيا أبدوا اعتراضهم على هذه اللائحة. من جهته، اعتبر الناطق الرسمي باسم حركة نداء تونس المنجي الحرباوي قرار البرلمان الأوروبي "قرارا جائرا وظالما ومفاجئا وفي غير محله". وأكد الحرباوي في تصريح للشارع المغاربي أن التصنيف خطير على المستوى الإقتصادي، كاشفا أن النداء سيشكل لجنة اقتصادية تضم خبراء اقتصاد منهم المختصين في الإقتصاد الدولي الى جانب خبراء في العلاقات الدولية". تفاعلا مع الجدل لذي أحدثه هذا القرار، قال سفير الاتحاد الاوروبي بتونس باتريس برغاماني الخميس 8 فيفري 2018 إن هذا التصنيف "ليس بالعقوبة أو العقوبة الجديدة"، مضيفا انه من المرجّح ان يتم سحب تونس من هذه القائمة الصائفة المقبلة. وبين برغاماني، في تصريح لوسائل الإعلام بمقر المفوضية الأوروبية، نقلته وكالة تونس افريقيا للأنباء، ان البرلمان الأوروبي اعتمد في قراراته تقرير مجموعة العمل المالي، التي تعمل منذ فترة على مقاومة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، مشيرا الى أن هذه المجموعة لا تمثل الإتحاد الأوروبي فحسب بل هي ممثلة ل35 بلدا إلى جانب البلدان 15 للإتحاد الأوروبي ومن بينها الولاياتالمتحدةالامريكية والصين واليابان وكندا. واضاف السفير "أنه لا مجال لإثارة ضجة اعلامية لأن المعلومة كانت متوفرة منذ يوم 3 نوفمبر 2017، والجديد اليوم ويكل ببساطة هو تصويت البرلمان الأوروبي، الذي تمسك بحسب التشريعات الأوروبية، باعتماد هذا التصنيف الجديد، على المستوى الأوروبي". ودعا السفير الاوروبي الحكومة التونسية الى المضي قدما في العمل على إقرار إصلاح هيكلي لمقاومة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب. هذا واعتبر الخبير الاقتصادى التونسى عز الدين سعيدان أن انعكاسات هذا التصنيف "سيئة جّدا، وأنه أخطر من تصنيف تونس ضمن القائمة السوداء للملذات الضريبية، وأوضح في تصريحات صحفية أن "ذلك يعنى أنّ كل أجنبى له معاملات تجارية واستثمارية فى تونس يعتبر مشتبها فيه ويتعرض للمساءلة فى بلاده خوفا من أن يكون قد توجّه إلى تونس من أجل تبييض الأموال لا من أجل الاستثمار في المقابل، أكد وزير الشؤون الخارجية خميس الجهيناوي، انه وعلى أقصى تقدير سيتم رفع تونس من هذه القائمة في شهر جوان القادم، لافتا الى أن وفدا سيزور تونس خلال شهر جوان او قبله وعلى أثر ذلك سيتم رفع تونس من القائمة. و أفاد الوزير أن المسألة الفنية والإجراءات ستتواصل من أجل رفع تونس من هذه القائمة.