بقلم : لطفي هرماسي ناشط سياسي وإعلامي / القصرين دون الدخول في تفاصيل الحوار الوطني ومقدماته وجوهره وخواتيمه التي يأمل جميع التونسيين أن تكون حافلة بالتوافقات التي تعبّد المسار الانتقالي في اتجاه إجراء انتخابات حرة ونزيهة في ظل دستور يترجم أهداف الثورة ويحوز على رضا التونسيين . ودون العودة لتصنيف الاحزاب السياسية إلى خاسر ورابح من انطلاق الحوار الوطني مما أتى عليه المحللون في فضاءات إعلامية مختلفة ، أرى أنه من الجدير التوقف عند مسألة أساسية تتمثل في موقف حركة النهضة ، الطرف السياسي الأغلبي في المجلس الوطني التأسيسي ، والذي يقود الائتلاف الحكومة من خارطة الطريق ، وما تحاول بعض الأطراف التي لايسرّها تقدم الحوار أن توهم التونسيين به على انه مزدوج متعدد ، مختلف إلى حد التناقض . بل أن بعض الأطراف التي تعودنا سماعها وهي تصنف قيادات النهضة إلى صقور وحمائم ، باتت منذ فترة تغير هذه الشخوص من موقع إلى آخر وفقا لموقف او تصريح حسب أهوائها ، فمن يبيت صقرا يصبح حمامة ، ومن يصبح حمامة يمكن أن يمسي صقرا …. ولعل رهان البعض على استمالة طرف دون آخر في النهضة بإغراقه في المديح والثناء ، أو الرهان على الانقسام ، بات حلما بعيد المنال ، كما ان انفراد مسؤول في الحركة أيّا كان موقعه باتخاذ القرارات المصيرية ، يعالج بالطريقة الأنسب داخل مؤسساتها التي أثبتت انها الأكثر ديمقراطية وقدرة على إدارة الاختلافات ، والجمع بين آراء متعددة حد التناقض أحيانا . وبالعودة إلى بيان مجلس الشورى المنعقد يومي السبت و الأحد 5 و 6 اكتوبر 2013 ، والمقال الذي نشره يوم السبت 12 اكتوبر 2013 رئيسها الشيخ راشد الغنوشي على أعمدة الصريح ، والحوار الذي أجري مع السيد علي العريض رئيس الحكومة في نفس اليوم مع صحفيين من القناة الوطنية يتبين ان كلمة السر التي يؤكد عليها جميع هؤلاء الفاعلين ومن ورائهم حركة النهضة هي : تلازم المسارات . كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان تختزلان رؤية وطنية مسؤولة لما يجب أن تكون عليه خارطة الطريق . فقد ورد في بيان مجلس الشورى ان مصلحة بلادنا تقتضي: ضرورة الإسراع باستكمال المسار الانتقالي بالمصادقة على الدستور وإجراء انتخابات شفافة تحقق الاستقرار السياسي وتعزز مكاسب الثورة الحفاظ على المجلس الوطني التّأسيسي بصلاحيّاته كاملة إلى حين انتخاب مجلس تشريعيّ جديد. المحافظة على القانون المنظّم للسّلط العموميّة باعتباره الإطار المنظّم للحياة السّياسيّة بالبلاد. مواصلة الحكومة الحاليّة أعمالها حتّى انتهاء المجلس الوطني التّأسيسي من مهامّه التّأسيسيّة. التّوافق على حكومة جديدة ملتزمة بأهداف ثورة الحرّيّة والكرامة. أما الشيخ راشد الغنوشي فقد كتب مقالا في صحيفة الصريح ورد به في الفقرة المتعلقة برؤيته للمرحلة القادمة مايلي : ونحن نجدد الدعوة لشركائنا للتوافق على رؤية واضحة لتفعيل مبادرة المنظمات الراعية وفي إطار يضمن استكمال المسار التأسيسي في أسرع وقت بالمصادقة على الدستور وانتخاب الأعضاء المتبقين في هيئة الانتخابات وضبط موعد للانتخابات وإعداد القانون الانتخابي وأن يصدر بذلك قانون يزامن ويلازم بين مسارين ، مسار استكمال المهمات التأسيسية ومسار استقالة الحكومة لفائدة حكومة وفاقية مستقلة كاملة الصلوحيات تحل محلها فيما أكد السيد علي العريض في إطلالته الحوارية بالقناة الوطنية على مايلي : *خارطة الطريق هي ماسيتم الاتفاق عليه في الحوار الوطني *الحكومة ستقدم استقالتها في حال توفر شروط أربعة وهي: الانتهاء من كتابة الدستور انتخاب الهيئة العليا المستقلة للانتخابات تحديد موعد الانتخابات الانتهاء من قانون الانتخابات ويتضح مما سبق أن تلازم المسارات خيار استراتيجي مسؤول يحترم طبيعة المرحلة ويعطي لاستكمال المسار الانتقالي معنى يجنب البلاد الفراغ والمجهول ويقدم للتونسيين اجوبة واضحة ودقيقة وضمانات لاتقبل التأويل على هواجسهم المتعلقة بالوضع السياسي المتسم بالمناكفات، ويقدم للمراقبين الذين لايزال جلهم يأمل أن تكون التجربة التونسية الاستثناء في تجارب الانتقال الديمقراطي في الدول العربية التي تشهد إما انتكاسات او اتجاها نحو الفوضى والغموض تلازم المسارات الثلاثة : الدستوري والانتخابي والحكومي هي كلمة سر حركة النهضة في الحوار الوطني وهو الخيار الذي دافعت نحوه ، وترجيحه ليكون خارطة الطريق الأسلم والأفضل لبلادنا ويبدو مما يسرب من اخبار شحيحة مما يدور في كواليس الجلسات التمهيدية انه وبعد جدل طويل ، تم الاتفاق على تشكيل ورشات عمل للنظر في ثلاثة ملفات وهي المسار الحكومي والمسار الانتخابي والمسار الدستوري وقد تطلب الوصول إلى هذه النتائج عديد المساعي من طرف الأطراف الراعية أفضت في النهاية إلى هذا الاتفاق وهو ما يعني ضمنيا قبول الفرقاء برؤية النهضة لكيفية ترجمة خارطة الطريق على أرض الواقع ، وقبول النهضة بالحديث عن مستقبل الحكومة القادمة وكيفية تشكيلها…. ولكن فقط في ظل ….. تلازم المسارات . القصرين في 13 / 10 / 2013