اتصلت «الصباح» أمس ببيان صادر عن السيد الباجي قائد السبسي جاء فيه ما يلي: "بعد مرور سنة على نجاح الثورة التونسية في احداث تغيير حاسم فتح الآفاق امام تحقيق طموحات التونسيات والتونسيين في الديمقراطية والكرامة والعدالة الاجتماعية، فان روح المسؤولية تحملنا واجب إبداء الرأي فيما آلت اليه اوضاع البلاد واقتراح سبل تجاوز المخاطر التي تبدو محدقة بها، خاصة وان الضبابية واختلاط المهام التي سادت عمل المجلس الوطني التأسيسي تبدو وكأنها احدثت ازمة ثقة سياسية من شأنها ان تعمق المخاطر التي تهدد الامن والاقتصاد والوضع الاجتماعي عموما. وللتذكير فقد انتخب المجلس الوطني التأسيسي لمهمة وضع الدستور والاعداد لانتخابات مؤسسات الحكم الدائمة وذلك في ظرف سنة واحدة من تاريخ انتخابه. غير اننا لاحظنا ضياع نصيب هام من الوقت في وضع تنظيم مؤقت للسلط العمومية وقانون داخلي هو أقرب الى قانون مجلس نواب منه الى مجلس تأسيسي وفي تقاسم المناصب بين الاطراف الحاكمة بطريقة تتخالف مع طبيعة المرحلة الانتقالية التأسيسية. ومما زاد في ريب شرائح هامة من المجتمع التونسي احجام المجلس عن التأكيد الرسمي لمدة عمله المقررة بسنة واحدة وفق ما حدده الامر عدد 1086 لسنة 2011 المؤرخ في 3 اوت 2011 وما اكده الاتفاق الحاصل بين الاحزاب الاحد عشر، حول نفس المدة، بتاريخ 15 سبتمبر 2011، فأحدث هذا النكوص عن الالتزامات السابقة انطباعا بان المجلس والحكومة المنبثقة عنه يعملان على استدامة الفترة الانتقالية الثانية. ولوضع حد لمظاهر التأزم المتفاقمة، فاننا نعتقد بضرورة العمل من اجل تصحيح المسار وذلك ب: 1 ضرورة قيام المجلس الوطني التأسيسي بالتحديد الرسمي والصريح لمدة عمله وعمل الحكومة المنبثقة عنه بسنة واحدة والشروع الفوري فيما بقي منها لاعداد الدستور وتنظيم الانتخابات المقبلة في اجل اقصاه يوم الثالث والعشرين من اكتوبر سنة 2012. وذلك في اطار خارطة طريق واضحة مثلما حدث في الدورة الانقالية الاولى. مما ادى انذاك الى استرجاع الثقة بين مختلف الاطراف السياسية والاقتصادية والاجتماعية ومكن من اجراء انتخابات شفافة وديمقراطية ومن اعادة الحياة للاقتصاد الوطني وتشجيع المستثمرين الاجانب. 2 ضرورة اعادة تفعيل مؤسسة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بتمكينها من استئناف نشاطها حالا، بدءا باستكمال ترسيم الناخبين والاعداد للانتخابات المقبلة واصدار قانون انتخابي جديد، ذلك ان انتخاب مؤسسات دستورية دائمة يتطلب اعدادا يفوق الاعداد لمجلس تأسيسي. 3 دعوة كل القوى السياسية والفكرية الوطنية التي تأبى التطرف والعنف والتي تنخرط في المسيرة الاصلاحية التاريخية لبلادنا لتجميع طاقتها، المادية والمعنوية، حول بديل يعزز التوازن السياسي ويضمن تفعيل آليات التداول السلمي الذي بدونه لا يستقيم للديمقراطية امرا. ان اجراء انتخابات 23 اكتوبر وما نتج عنها من شرعية انتخابية للاطراف التي تسلمت السلطة في كنف الشفافية والتنظيم، لا يمنع من التذكير باننا بصدد قطع مرحلة انتقالية ثانية، مصحوبة بدورة انتخابية لا تقل تعقيدا عن الدورة الاولى، ستبقى بحاجة اكيدة الى تكريس التوافق الوطني كقاعدة للامن والاستقرار ونجاح الانتقال الديمقراطي. ان ما آلت اليه الاوضاع في المدة الاخيرة من تراجع خاصة من خلال بروز مظاهر تطرف عنيفة تهدد أسس الحريات العامة والفردية يدعو الجميع الى تفعيل آليات الحوار الوطني الذي بدونه لن نسير بخطى ثابتة لا رجعة فيها نحو انجاز مهام الفترة الانتقالية الثانية وعلى رأسها اهداء تونس دستورها المستقبلي. "وقل اعملوا، فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون" صدق الله العظيم تحيا تونس"...