من المتوقّع ان يتكرّر سيناريو الاحزاب المنسحبة حديثا من وثيقة قرطاج مع حزب المسار الديمقراطي الّذي يواجه حاليّا مطبّات معقدة في ظل انقسام الحزب إلى شقين ، شقّ يدعم الامين العام للحزب ووزير الفلاحة سمير الطيب و يتمسك بالبقاء في وثيقة قرطاج و شقّ ثاني مع الخروح منها. و تسود لدى الوسط الحكومي مخاوف من ارتفاع عدد المنسحبين من وثيقة قرطاج إلى 4 أحزاب سياسية ، بعد تلويح حزب المسار بالمغادرة ، ما سيزيد من تآكل الحزام السياسي لرئيس الحومة يوسف الشاهد التي تواجه اوضاعا صعبة . وفي حال انسحاب المسار يكون بذلك الحزب الرابع الذي ينسحب من الحكومة، بعد آفاق تونس والحزب الجمهوري وحركة مشروع تونس التي انسحبت من تشكيلة هذه الحكومة، التي تواجه تحديات اقتصادية واجتماعية كبيرة. و يمرّ حزب المسار الذي يستمد ماضيه من الحزب الشيوعي التونسي بفترة صعبة، اذ انقسم الى جزئين ، الاول يتمسك بالبقاء في الحكومة الحالية برئاسة يوسف الشاهد، بينما يدعو الثاني إلى الخروج منها لأنها أصبحت "رهينة لدى حركتي النهضة الإسلامية ونداء تونس". ورغم أن سمير بالطيب سبق له أن أعلن أن حزبه لن ينسحب من الحكومة، فإن المنسق العام للحزب جنيدي عبدالجواد لم يستبعد هذا الانسحاب، وأبقى القرار بيد المجلس الوطني للحزب الذي بدأ السبت اجتماعا ليومين لحسم هذه المسألة. وقال جنيدي عبدالجواد في تصريحات سابقة "يُمكن أن نغادر الحكومة إذا رأى المجلس المركزي أنه يجب أن نغادر"، وذلك في الوقت الذي تُشير فيه المعطيات من داخل أعمال المجلس المركزي لحزب المسار الديمقراطي الاجتماعي إلى تضارب المواقف وسط خلافات حادة يُنتظر أن تُحسم باللجوء إلى التصويت. ويرى مراقبون في تصريحات أن هذه الانسحابات، التي تأتي قبل أشهر قليلة من الانتخابات البلدية الأولى من نوعها بعد الثورة، تدخل في إطار بحث أحزاب سياسية عن موقع جديد يؤهلها لتحقيق نتائج جيدة في الانتخابات البلدية. وكشف المؤرّخ و الجامعي خالد عبيد خلال حديثه مع "الشاهد" أن تعمق الازمة داخل الحكومة جعل الاحزاب تقفز من المنصة الحكومية لتصطف مع المعارضة ، مؤكدا ان هذه الأحزاب باتت تشعرُ بأنّ حكومة يوسف الشاهد تتلفظ في أنفاسها الأخيرة و بالتالي فان هذه الاحزاب تحمّل مسؤولية الفشل لحكومة يوسف الشاهد و من يساندها حقيقة من النهضة و النداء . كما بيّن الجامعي خالد عبيد أنّ الانسحابات المتتالية من وثيقة قرطاج ما هي إلاّ دليل على وجود خللٍِ وقع خلال التفكير في مسألة حكومة الوحدة الوطنية ، لأنه من غير المعقول على حدّ تعبيره أن يقع الإتفاق على مبادئ عمومية دون أن يكون هناك توضيح حقيقي لخطة قرطاج من حيث الغاية و الأهداف المرجوة ، و لاحظ محدثنا عدم وجود آلية حقيقية لمتابعة الأهداف التي لم توضع أصلا .على حد قوله ويقول المحلل السياسي ، أبو القاسم خليفي، في تصريحات إعلامية ان خروج هذه الأحزاب من الوثيقة أو من الحكومة، لا يعكس بالضرورة دفاعًا عن مضامين وثيقة قرطاج، بقدر ما يعني نوعًا من التفرغ للانتخابات البلدية، ومحاولة نسج تحالفات جديدة، تستفيد من الأزمة التي تواجهها بها الحكومة. ويضيف أن الهدف هو القفز من سفينة حكومة الشاهد، بحثًا عن حبل نجاة خلال الانتخابات البلدية المقبلة. وجاءت وثيقة قرطاج في جويلية 2016 عن مبادرة سياسية للرئيس الباجي قائد السبسي، وتضمّنت أولويات حكومة الوحدة الوطنيةفي تونس برئاسة الشاهد. ووقع على الوثيقة 9 أحزاب : حركة نداء تونس، وحركة النهضة، وحركة مشروع تونس، والاتحاد الوطني الحر، وآفاق تونس، والحزب الجمهوري، وحزب المسار الديمقراطي الاجتماعي، وحركة الشعب، وحزب المبادرة الوطنية الدستورية. كما وقعت عليها أيضًا 3 منظمات وطنية، هي الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة نقابية في البلاد)، والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية (منظمة أرباب العمل)، والاتحاد التونسي للزراعة والصيد البحري (منظمة المزارعين). وتنظم الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، في ماي المقبل انتخابات بلدية تهدف إلى اختيار ممثلين محليين جدد في 350 دائرة بلدية، فيما يتجاوز عدد المقاعد التي سيتم التنافس عليها 7 آلاف مقعد.