بعد مخاضات عسيرة ومسار من التأجيل ورغبات التعطيل، تسير العملية الانتخابية بخطى ثابتة نحو موعد الحسم الذي حُدد في 6 ماي 2018، والذي سيكون المنعرج الحاسم، وسط توقعات بأن ينقي المشهد الحزبي، وينهي مرحلة الفرز السياسي الذي انطلق منذ فتح باب الترشحات للاستحقاق البلدي. ففي الوقت الّذي بدأت فيه بعض الأحزاب في بسط إستراتيجياتها إستعدادا للانتخابات اكتفت أحزاب أخرى "بالتشكّي" موارية عجزها و فشلها المنتظر. من ذلك حزب حركة وفاء الذي قرر عدم خوضه لغمار الإنتخابات البلدية المقرر إجراؤها الأحد 6 ماي 2018، وفق ما أعلن عنه الأربعاء نائب رئيس الحركة مراد الرويسي خلال ندوة صحفية بالعاصمة. وأوضح الرويسي أن عدم مشاركة الحزب في هذا الإستحقاق الإنتخابي وتجسيد الحكم المحلي بتونس، يأتي نتيجة انعدام الإستقرار الأمني وعدم الإنتهاء من إعداد مشروع مجلة الجماعات المحلية، التي لم تخرج الى الان من اللجنة البرلمانية والتي تحتوي على العديد من الأخطاء" الفادحة"، وفق تعبيره. ومن جهته قال رئيس حركة وفاء عبد الرؤوف العيادي " إن الوضع الأمني اليوم بالبلاد غير مستقر وانتشرت ظاهرة عدم الشعور بالأمن لدى النخب السياسية والعلماء والمفكرين"، مبينا أن هذا الشعور جاء نتيجة انتشار ظاهرة الجوسسة التي تهدف بالأساس الى التحكم في سيادة تونس، وفق تعبيره. ودعا الى ضرورة أن يتم تصنيف "الجوسسة "ضمن الجرائم الارهابية الخطيرة باعتبارها تعد من أصناف الإرهاب الدولي، موضحا أن المنظومة القانونية التونسية تتحدث فقط عن إرهاب الأفراد والجماعات. واقترح العيادي في السياق ذاته ، إصلاح الهيكلة الأمنية عبر بعث فرقة خاصة لمقاومة الجوسسة وتسليح الأمنيين بأدوات قانونية صارمة وواضحة للتصدي لأعمال الجوسسة وبالخصوص القانون المتعلق بتجريم التطبيع. وعبر من جهة أخرى عن استغرابه من عدم تحمل رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي لمسؤوليته المتعلقة بصيانة استقلال البلاد والنهوض بمسألة الأمن القومي وعدم تعامله بجدية على مسألة الجوسسة، ومحاولة سن القوانين ضدها. وأضاف "أن رئاسة الحكومة لم تحرك ساكنا تجاه هذا الملف الخطير (الجوسسة)الذي يشغل اليوم الراي العام ولم تحاول وضع قوانين تعيد تنظيم قوات الامن الداخلي للتصدي لهذه الظاهرة"، وفق تعبيره هذا وانسحب حزب الاتحاد الوطني الحر من السباق الانتخابي بسبب ما اعتبرته نائب رئيس الحزب سميرة الشواشي عدم جاهزيته من جهة وعدم توفر الظروف الملائمة منها عدم المصادقة على مجلة الجماعات المحلية، وكذلك الاستقطاب الثنائي بين حركتي النهضة والنداء وأيضا بسبب التشنجات على الساحة الوطنية من جهة اخرى، و اعزت قيادات الحزب عدم مشاركتهم في الإنتخابات البلدية، الى الهرسلة وحملات التشويه التي تعرض لها رئيس الحزب المستقيل سليم الرياحي. كما اكد في سياق متصل، عضو المكتب تنفيذي للحزب المستقيل جمال الوسلاتي في تصريح ل"الشاهد"، أن الحزب لم يكن مستعدا للانتخابات البلدية لذلك خير الدخول مع بقية الاحزاب في ما يسمى بالائتلاف المدني، لافتا الى أنه لن يترشح بقائمات حزبية، وأن كل أحزاب الائتلاف تعاني من نفس الاشكال أي عدم القدرة على الترشح بقائمات حزبية في كل الدوائر. وأكدت رئيسة الحزب الدستورى الحر عبير موسي أن المحطة الانتخابية القادمة هي مجرد محطة من ضمن محطات قادمة وبالتالي ليست هي الهدف الأول والوحيد للحزب الذي يعمل على المستوى المتوسط والبعيد. وأضافت أن الحزب سيشارك في الانتخابات البلدية في دوائر معينة تم اختيارها من طرف اللجنة الوطنية للانتخابات لكي تكون النتائج فيها طيبة. ويشترط القانون الانتخابي أن يكون هناك تناصفا في تكوين القائمات الانتخابية بين المرأة والرجل عموديا وأفقيا، أي أنّه علاوة على أن يكون العدد نفسه من الجنسين، يستوجب أن يتم الرتيب بالتداول بين المرأة والرجل، وذلك بهدف تجنّب عمليّة التمييز و"المراوغة" التي سبق أن اعتمدتها مختلف الأحزاب في الانتخابات السابقة بأن يتصدّر الذكور معظم القائمات، وتُدرج النساء في أسفل القائمة، حتّى يُفرز بالضرورة تفوّقا في عدد الذكور المنتخبين.