يعيش الشارع السياسي التونسي حالة من التباينات والخلافات التي ما انفكت ترافق التحضيرات للانتخابات المحلية، بعد انسحاب عدد من الكتل الحزبية والحركات السياسية من اتفاق قرطاج، واتهامها لحكومة يوسف الشاهد بعدم الالتزام بتنفيذ بنود وثيقة الاتفاق. هذا ويشير مراقبون إلى أن نداء تونس دخل مرحلة عمل جديدة تقوم على تعزيز صفوفه بشكل علني بأعضاء سابقين من التجمع، فيما تقول المعارضة إنه سيمكّن أتباع وقيادات الحزب المنحل -الذين يطلقون عليهم اسم الأزلام- من العودة للساحة السياسية من باب واسع رغم مطالب شعبية بإبعادهم من الحياة السياسية. وتحذر أحزاب أخرى من توجه الحزب الى استغلال بعض عناصره التي تتولى مناصب في الدولة لخدمة اجنداته الانتخابية، لافتين الى خطورة التداخل بين الدولة والحزب الحاكم، وخطورة استغلال النفوذ وإمكانيات الدولة في الحملة الانتخابية البلدية، وطالبت بتحييد الحكومة والنأي بوزرائها وأعضائها عن العمل الحزبي. هذا التداخل أكدته معتمد ساقية سيدي يوسف فوزية خضري الاثنين 26 فيفري الجاري، التي أشارت إلى أن قرار إقالتها من منصبها اٌتخذ على خلفية رفضها الإمضاء على مساعدات مالية خاصة فقط بأنصار نداء تونس. ونفت خضري خلال حوار لها مع موقع آخر خبر أن تكون إقالتها من منصبها جاءت على خلفية ما تم ترويجه عن ممارستها لأعمال شعوذة بمقر المعتمدية. من جهته، أكد والي الكاف منور الورتاني أن أسباب الإقالة تتمثل في الاحتجاجات الأخيرة التي شهدتها الجهة، ورفض المجتمع لتعيينها على رأس المعتمدية، وفق تعبيره. و لا تخفي الأطراف السياسية في تونس مخاوفها من استغلال حركة نداء تونس لنفوذها السياسي خلال الانتخابات اللبلدية المزمع إجراؤها في ماي المقبل ، خاصة ان الحركة تسعى و بشكل معلن إلى توظيف إمكانيات الحكومة والدولة التونسية في حملاتها الانتخابية، والتأثير على الناخبين بما يُفقد العملية الانتخابية نزاهتها وشفافيتها. هذا وقد أثار إعلان نداء تونس عن قائمة منسقيه الجهويين، لمتابعة الإعداد للحملات الانتخابية للحزب خلال الانتخابات البلدية المقرر عقدها في ماي القادم، جدلا واسعا بين الأوساط السياسية والحزبية. وضمت القائمة أسماء لوزراء ومستشارين في الحكومة ورئاسة الجمهورية مما عزز المخاوف حول نزاهة الاستحقاق الانتخابي القادم، وفرضية التداخل بين العمل الحزبي والعمل الحكومي لهؤلاء عبر تسخير إمكانيات الدولة لخدمة أجندات الحزب الانتخابية. وشملت قائمة المنسقين الجهويين لنداء تونس 29 مفوضا بينهم 21 يشغلون مناصب في الدولة على غرار مستشاري رئيس الجمهورية نور الدين بن تيشة وسليم العزابي والناطقة باسم الرئاسة سعيدة قراش فضلا عن وزراء في حكومة الشاهد منهم وزيرة الرياضة ووزير النقل ووزيرة السياحة ووزير الخارجية ووزير المالية ووزير الثقافة ووزير التربية. وتشير مصادر مطلعة الى أنه وخلافا لما يُروج على ان نداء تونس استعاد عافيته ، فان مكاتب جهوية منتمية للنداء دعت الى خلق (قائمات موازية ) في كل الجهات لمنافسة الحزب، و بحسب نفس المصادر فان ذلك حصل بعد ان عجزت القيادات الوطنية في كسب ثقة مناضلي الجهات ، الذين اعتبروا ان الحزب فقد زخمه الشعبي وهيبة هياكله وفاعليتها حيث أصبح نشاطه سطحيا بلا عمق شعبي ولا حركية نضالية . وكانت عدة أحزاب قد راسلت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات و رئيس الحكومة بخصوص تكليف بعض أعضاء الحكومة (وزراء وكتاب دولة) كمنسقين جهويين تابعين لحزب نداء تونس مكلفين بالإعداد للانتخابات البلدية معتبرين تلك التكليفات توظيفا لإمكانيات الدولة لصالح هذا الحزب وتهديدا للمسار الديمقراطي،حسب ما جاء في بلاغات ومراسلات هذه الاحزاب ."