عدّل كل السياسيين بوصلتهم منذ أشهر على الاستحقاق الانتخابي البلدي في ماي 2018، بعد ان يئسوا من إمكانية تعطيله أكثر من ذلك، فانكبت أحزابها بالتنسيق مع ممثلين عن منظمات المجتمع المدني وعدد من الشخصيات المستقلة على التحضير لخوض هذا الامتحان الاصعب منذ الثورة لما تعنيه الانتخابات المحلية في مسار الانتقال الديمقراطي التونسي وتكريس اللامركزية. ورغم ان هذه الاحزاب عملت على تحصين قائماتها من أي إخلال أو استجابة للشروط تفاديا لإسقاطها، إلا أن عددا هاما من القائمات قد سقطت، وسقطت معها حلة بعض السياسيين الذين ظنوا نفسهم رقما صعبا، يصعب الغاؤه من الحياة السياسية، وكان لسقوط قائمات حزب البديل لرئيسه مهدي جمعة، الوقع الاكبر، خاصة أن مشاركته في الاستحقاق البلدي وُصفت منذ البداية بالمحتشمة ودون المطلوب. هذا وقررت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات اسقاط كل القائمات التي تقدم بها حزب البديل والتي لم تتجاوز 4 قائمات لانها لم تستوفي شروط الترشح، وغادر بهذا القرار الحزب السباق الانتخابي. وسعى جمعة منذ كان رئيسا للحكومة الى بناء قلعته السياسية وعمل على تحصينها ليبلغ بها المحطات الانتخابية حالما بالمنصب الذي تركه اجبارا تنفيذا لمبدأ التوافق الوطني، وانفرد بقرب الاستحقاق البلدي في لفت الانتباه الى شخصه، إذ اكد في اخر تصريحاته أنه كان من بين أكثر السياسيين في فترة حكمه عرضة للاغتيال بقوله "الأجهزة الأمنية فكّكت خلية إرهابية أرادت اغتيالي حتى أني تركت وصية في أدراج مكتبي تضمنت 3 أسماء وزراء لإكمال المهمة من بعدي إن وقع اغتيالي". وقال أنه قدم كل ما يمكن فعله في قضية اغتيال الشهيد شكري بلعيد ولم يتعهد إلا لابنته نيروز بالثأر لوالدها، ولذلك أعطى الأوامر بالقبض والقضاء على كل من تورط في الجريمة، نافيا أن يكون القضاء على كمال القضقاضي بنيّة قبر الملفات. هذا ويُتّهم المهدي جمعة منذ عودته الى المشهد الاعلامي بعد طول غياب بالسقوط في العديد من المتناقضات خصوصا أنه لم ينفّذ الإصلاحات أو التصورات والرؤى، التي يتشدّق بها الآن، خلال تقلده منصب رئيس للحكومة في العام 2014. واعتبر المهدي جمعة ، في تصريح لصحيفة العرب اللندنية، أن من يمسك بمقاليد الجهاز التنفيذي هو رئيس الحكومة وليست الأحزاب، وبالتالي فهو من يتحمل مسؤولية كل الخيارات، محمّلا في الوقت نفسه منظومة الحكم مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في البلاد من تقهقر. وقال المهدي جمعة في تقييمه للوضع المتأزم الذي تعيش على وقعه تونس إن الأمور تعقّدت أكثر خصوصا بعد أن صنف الاتحاد الأوروبي تونس مرّة أخرى على قائمة سوداء جديدة وتتعلق هذه المرة بمخاطر عالية في تمويل الإرهاب وغسيل الأموال. كما اعتبر أن حكام تونس اليوم لا يملكون أي تصورات لإخراج البلاد من أزمتها وأنهم أمسكوا بالحكم عقب تقديم وعود فارغة المحتوى. هذا ويتخذ جزب البديل لنفسه شعار العداء للنهضة و النداء ، و بالرغم من أن مهدي جمعة أكد أن هذا الحزب " سيكون حزبا قويا و بديلا للأحزاب" إلاّ أن موجة الإستقالات ، حتى قبل أن يغلق حزبه عامه الأول . من جهة أخرى، بلغ عدد القائمات المترشحة للإنتخابات البلدية التي أسقطتها الهيئة العليا المستقلة للإنتخابات 106 قائمة، في حين بلغ عدد القائمات المقبولة 2068 قائمة، وفق ما أعلن عنه رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات محمد التليلي المنصري اليوم خلال ندوة صحفية. وتتوزع القائمات المقبولة كالتالي : 156 قائمة ائتلافية و 1053 قائمة حزبية و 859 قائمات مستقلة. وتحتل ولاية المنستير المرتبة الأولى من حيث عدد القائمات المقبولة (187) ثم سيدي بوزيد والقصرين (122 قائمة لكل ولاية) ثم سوسة (113 قائمة). وكان أعضاء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات قد أكدوا لدى اعلانهم النتائج الاولية للقائمات المقبولة ان احترام مسألة التناصف الافقي لم يكن بالشكل المطلوب لكنه أيضا لم يشهد إخلالات كبيرة مقارنة بعدد القائمات حيث بلغ العدد الجملي للقائمات التي يجب مراجعتها 59 قائمة وكلها يجب تغيير رؤسائها برئيسات وللتذكير فان التناصف الافقي يهم عدد رؤساء ورئيسات القائمات بالنسبة لكل حزب او ائتلاف والذي يجب ان يكون متعادلا بينهما أو اكثر بواحد ان كان العدد فردي.