تزامنا مع الجدل الواسع الذي يطوّق ، خلال الفترات الأخيرة، هيئة الحقيقة والكرامة والتجاذبات على الساحة السياسية بشأنها سيما في ظل مسألة تمديد أجال عملها سنة إضافية ، تكثف رئيسة الهيئة سهام بن سدري مؤخرا من الكشف عن ملفات حارقة واصفة إياها ب «وثائق خطيرة» في خطوة لكسب "الشعبية" واستمالة التونسيين إلى صفها والتغطية على اتهامات التلكؤ والتقصير في اداء مهامها التي تتعرض اليها خلال الفترات الاخيرة . وقد كشفت بن سدرين ، مؤخرا، عن «وثائق خطيرة» تؤكد أن حلف «الناتو» خزّن أسلحة نووية في البلاد خلال فترة الصراع مع روسيا في خمسينيات القرن الماضي، مشيرة إلى وجود اتفاقيات وصفت ب«الاستعمارية» تقضي باستغلال فرنسا للثروات الطبيعية في تونس، مشيرة إلى أن هذه الاتفاقيات مازالت سارية حتى اليوم. وأضافت، في الصدد ذاته، : "فرنسا مازالت تحتلّنا في مجال الإرث التاريخي، فهي لديها أرشيف عن تونس أكبر من أرشيفنا الوطني، ونطالب الدولة التونسية باسترجاع إرثنا التاريخي الموجود أيضا في ألمانيا والولايات المتحدة". وتابعت بن سدرين القول: "تمكنا من الحصول على أرصدة تاريخية من الحجم الثقيل من فرنسا.. وحين طالبنا السلطات الفرنسية بتسليم أرشيف معركة بنزرت ، وجدنا بعض الوثائق المخفية، وحين سألنا الجانب الفرنسي عن السبب، أكد أنها وثائق سرية، لكننا تمكنا بطرق ملتوية من إحضار بعض الوثائق الخاصة والخطيرة حول هذا الملف". وأوضحت "بنزرت لم تكن مجرد قاعدة فرنسية، بل كانت قاعدة تابعة للحلف الأطلسي تحت إِشراف فرنسا، وكان فيها أسلحة نووية لمحاربة روسيا، لذلك كانوا على استعداد لحرق تونس كلها كي يمنعوا تسليم بنزرت، وهذا سبب اندلاع المعركة" . كما أشارت إلى وثائق أخرى تم توقيعها بين الجانبين التونسي والفرنسي عام 1955ولكنها ما زالت سارية حتى اليوم، قالت إنها تتضمن جانبا «استعماريا» يتمثل في تمكين فرنسا من استغلال جميع الثروات الباطنية في تونس كالبترول والفوسفات والملح والماء وغيرها. ومن جانبه، أكد عضو هيئة الحقيقة والكرامة عادل المعيزي أن الهيئة، وفي إطار عملها لتحقيق العدالة الانتقالية والبحث والتقصي عن الحقيقة بشأن انتهاكات حقوق الإنسان، تمكنت أخيرا من الوصول إلى وثائق من الأرشيف الفرنسي تصنف في خانة "السرية"، مشيرا الى إنّ الهيئة حصلت على الوثائق بحسب القانون عدد 53، وطبقا للفصل 40، والذي يشير إلى أن الهيئة وفي إطار إنجازها لمهامها تتمتع بصلاحية طلب معلومات من جهات رسمية أجنبية ومنظمات أجنبية غير حكومية، طبقا للمعاهدات الدولية المبرمة بهذا الشأن، معتبرا أن "الهيئة تسعى إلى الحصول على أرشيفات تهم الدولة التونسية". وعبر المعيزي ، في تصريح للعربي الجديد، عن أمله في أن تعمل مؤسسة الأرشيف الوطني على منوال الهيئة لاستعادة الأرشيفات التي لا تزال موجودة في فرنسا، وتهم الدولة التونسية في فترة الاستعمار الفرنسي، إذ غادرت الإدراة الفرنسية سنة 1956 حاملة معها "جزءا مهما من أرشيفات تونس، والتي تبقى عنوان السيادة". وأوضح أن "هذا الأرشيف يعود إلى فترة الاستقلال، ويهم الجهات الرسمية التونسية، لأنه عنوان للسيادة الوطنية"، مبينا أن "الوثائق هي حاليا بذمة هيئة الحقيقة والكرامة، التي تمكنت من الحصول على نسخ منها، وقد تساعدها في كشف جزء مهم من التاريخ المغيب على الشعب التونسي". وبيّن عضو هيئة الحقيقة والكرامة أنه سافر إلى فرنسا والتقى وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، وأنه وجد "تعاونا كبيرا من السلطات الفرنسية، إذ تم تقديم جميع التسهيلات للهيئة لتباشر عملها وتطلع على العديد من الوثائق"، مشيرا إلى أنه لا يمكنه الخوض في محتوى الوثائق والأرشيف، "لأن المحتوى وما تم الوصول إليه يبقى من مشمولات الدولة التونسية، والتي يتعين عليها العمل على استعادة هذا الأرشيف الهام". في المقابل، بخصوص التمديد في مدّة عمل الهيئة، قالت بن سدرين إن هذا الأمر يعتبر "قرارا" وليس "طلبا"، داعية بعض أعضاء مجلس النواب إلى الاطلاع على قانون العدالة الانتقالية، معتبرة أن "الهيئة مارست صلاحيتها وفقا لما نص عليه القانون". وأوضحت أن "التمديد في أعمال الهيئة لن يتطلب تخصيص ميزانية جديدة ومصاريف إضافية"، مشيرة إلى أنه "كان من المنتظر أن تستكمل الهيئة عملها خلال شهر ماي القادم، ولكنها واجهت تعطيلات مقصودة من بعض الجهات". ويشار إلى أن الفصل 18 من قانون العدالة الانتقالية ينص على أن "مدة عمل الهيئة حدّدت ب4 سنوات بداية من تاريخ تسمية أعضائها، وهي قابلة للتمديد مرة واحدة لمدة سنة بقرار معلل من الهيئة". و انتقدت أوساط مختلفة تمديد هيئة الحقيقة والكرامة في تونس فترة عملها دون الرجوع إلى مجلس نواب الشعب، لكن الهيئة قدمت مبررات أسباب تعطل مهمتها. وقالت سهام بن سدرين رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة، الثلاثاء، إن "الهيئة مارست صلاحياتها عند اتخاذها قرار التمديد في مدة عملها وفق القانون ولم تقدم طلبا" بهذا الشأن في ردها على البعض من أعضاء البرلمان الذين انتقدوها بشكل لاذع وصل بالبعض منهم إلى الطعن في قرار تمديد مدة عمل الهيئة لدى المحكمة الإدارية. وكانت مسألة التمديد من عدمه في اجال عمل هيئة الحقيقة والكرامة قد أثارت جدلا واسعا على الساحة السياسية والحقوقية سيما وقد اختلف المختصون في القانون الدستوري حول المسألة مؤكدين ان الفصل المتعلق بهذا الشأن فيه نوع من اللبس.