في ظل ما تمر به البلاد من أوضاع اقتصادية متدهورة، تعمل الحكومة في السنوات الأخيرة على استغلال المناطق الصحراوية الشاسعة، من خلال إقامة مشروع "الصحراء"، الذي سيتم إنجازه في الفترة الممتدة بين 2018 و2035، بالشراكة بين القطاعين الخاص والعام ، في خطوة لدعم الاقتصاد والنهوض به من جهة وتوفير مواطن شغل من جهة أخرى. وستنجز الحكومة التونسية هذا المشروع على ثلاث مراحل متتالية تنطلق بداية من السنة الحالية وتنتهي بحلول سنة 2035. وتهدف من خلاله إلى إحياء 50 ألف هكتار من الصحراء وتحويلها إلى واحات منتجة بالاضافة إلى إنجاز طريق وطنية تبلغ تكلفتها في حدود 60 مليون دينار تربط مختلف المناطق الصحراوية وتسهل عملية التنقل فيما بينها، وكذلك تهيئة الأراضي الزراعية. وفي خضم هذا الشأن أطلق القيادي بحركة النهضة لطفي زيتون مبادرة تحت اسم "عكس الاتجاه" لتشجيع الشباب وحثهم على الانخراط في هذا المشروع . و أكد زيتون على أهمية الاستثمار في المساحات الصحراوية الشاسعة واستغلالها على جل الاصعدة ، حاثا الشباب على الإقدام على خوض غمار تجربة العمل ضمن هذا المشروع، عوض ركوب عباب البحر والمجازفة بحيواتهم من أجل حلم مستبعد التحقيق في القارة العجوز. و فصل القيادي بحركة النهضة تفاصيل هذه المبادرة على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فايسبوك. وكان الوزير المستشار لدى رئيس الحكومة رضا السعيدي ، قد كشف انه سيتم تهيئة 50 ألف هكتار من الأراضي الزراعية، والتي ستحتوي على مشاريع كبرى وتخص المساحات التي تفوق 1000 هكتار، والمشاريع الصغرى في الأراضي غير المستغلة والتي تبلغ مساحتها حوالي 15 هكتارا، حيث سيتم توزيعها في شكل مقاسم فلاحية، وستحظى بدعم وتمويل عموميين. وأكد رضا السعيدي أنه سيتم إحداث طريق وطنية جديدة على طول 180 كيلومترا تربط رمادة بالبرمة (من ولاية تطاوين) بقيمة 60 مليون دينار. وتابع السعيدي بأنه سيتم تركيز محطات للطاقة المتجددة في إطار الشراكة بين القطاع الخاص والعام في حدود 300 ميجاوات، حيث سيتم فيها استغلال ذاتي للأراضي الزراعية، وتشييد وحدات السكنية ستستقطب قرابة 5000 متساكن. وتبلغ التكلفة الإجمالية لبناء أوساط حضرية في المناطق الصحراوية قرابة 200 مليون دينار، وتولي الحكومة التونسية اهتماما كبيرا لدعم العنصر السياحي من خلال بعث وحدات ترفيهية وسياحية بالمناطق المذكورة. كما اشار إلى أن الصحراء الكبرى المتقاسمة بين الدول الثلاث (تونس وليبيا والجزائر)، تحتوي على مخزون مائي كبير، وسيتم حفر عدد من الآبار وتزويدها بمضخات كبرى. وسيمر إنجاز المشروع عبر ثلاث مراحل تمتد من سنة 2018 إلى حدود 2035 سنة، ستنطلق المرحلة الأولى ابتداء من السنة الحالية وتتواصل إلى حدود سنة 2020، حيث سيتم خلال هذه الفترة إنجاز الطريق الوطنية التي تربط بين رمادة والبرمة. وقال السعيدي إن المرحلة الأولى ستشهد بالتوازي مع إنجاز الطريق الوطنية "انطلاق تطوير 5000 هكتار من الأراضي الزراعية وتركيب 100 ميغاوات من الطاقة الشمسية". أمّا المرحلة الثانية فستبدأ سنة 2012 وتتواصل إلى حدود 2025، والتي سيتم تخصيصها لتركيز محطات للطاقة المتجددة في حدود 1000 ميغاوات، وتربط الشبكة بين منطقة البرمة وبرج الخضراء. وخلال هذه الفترة، سيتم تطوير قرابة 15 ألف هكتار من الأراضي الزراعية في إطار زراعة النخيل والمواد الفلاحية التي يمكن إنتاجها في الصحراء، وفق السعيدي. وتابع السعيدي بأن "المرحلة الثالثة تمتد من سنة 2026 إلى حدود سنة 2035، لتركيز 30 ألف هكتار من الأراضي الزراعية وإنتاج ألف ميغاوات من الطاقة الشمسية وتهيئة القسم الثاني من الطريق الوطنية الرابطة بين منطقة رمادة و تطاوين. وسيتم تمويل هذا المشروع الضخم من ميزانية الدولة وسيكون ممولا من البنك العالمي والاتحاد الأوروبي، وقد أبدت فرنسا استعدادها للمشاركة في دعم المشروع ماليا، وذلك في إطار دعم التنمية المستدامة والحفاظ على البيئة ومقاومة الإرهاب والتهريب.