لا تزال تونس تعيش تحت وقع الرّجة التي أثارها إدراجها ضمن قائمة سوداء جديدة من قبل البرلمان الأوروبي الذي صنّفها في قائمة البلدان الأكثر عرضة لغسيل الأموال وتمويل الإرهاب، وذلك بعد أقل من شهر تقريبا على تصنيف البلد ضمن قائمة سوداء للملاذات الضريبية قبل التراجع عن ذلك.. وقد أثار هذا الزلزال جدلا واسعا على الساحة السياسية والاقتصادية والإعلامية على حد سواء، وقد اعتبر مراقبون أن كل الأحزاب وخاصة منها الحاكمة مسؤولة عن تكرّر إدراج تونس ضمن قوائم سوداء لتمويل الإرهاب أو غسيل الأموال بل ويرى عدد منهم أن الأحزاب متورّطة ومنخرطة أيضا في تفشي الجريمتين في البلاد طيلة سبع سنوات. وكما سبق أن توقع خبراء الاقتصاد ، فقد أثر إدراج تونس بالقوائم السوداء على تصنيفها الائتماني . وقد خفضت وكالة التصنيف الدولي "موديز" تصنيف تونس الائتماني من ب1 مع أفق سلبي إلى ب2 مع أفق مستقر، نتيجة تعثر إصلاحات النظام الضريبي وتراجع احتياط النقد الأجنبي. وفي هذا السياق، قال وزير المالية الأسبق والخبير المالي حكيم بن حمودة أن وكالات الترقيم تعمل دائما على إعطاء ترقيم للبلدان، مشيرا إلى أن هذا الترقيم هام ولأن قرار الإستثمار من قبل المستثمرين على المستوى الدولي يقع اتخاذه بعد دراسة تراقيم الوكالات. وأكد بن حمودة في هذا السياق أن الترقيم الأخير لوكالة «موديز» الذي صدر البارحة فيه تأكيد على تدهور الوضع الاقتصادي في تونس وبصفة خاصة تراجع التوازنات الكبرى (المالية العمومية والميزان التجاري) ومن ضمنها ميزانية الدولة والتوازن الخارجي، والذي من نتائجه تدهور مخزون العملة الصعبة. وأكد الوزير الأسبق أن هذا الترقيم هو مؤشر جديد ينضاف إلى مؤشرات أخرى حول تدهور التوازنات المالية الكبرى لبلادنا منذ أشهر، والتي تتطلب عملا جديا من طرف الحكومة، من أجل الخروج من هذه الوضعية المتأزمة. وأشار بن حمودة إلى أن ترقيم وكالة «موديز» سيكون له تأثير سلبي على خروج تونس للسوق المالية العالمية، لأن المتداولين سوف يطالبون بنسب فائدة أكبر لاقتناء الرقاع السيادية التونسية. من جانبه، توقع الخبير المالي نادر الحداد في تصريح للعربي الجديد أن يكون لخفض تصنيف تونس تداعيات سلبية على الخروج المرتقب للحكومة إلى السوق العالمية لاقتراض مليار دولار من السوق العالمية. وقال الحداد إن هذا الخروج محفوف بالمخاطر و"ستكون كلفته باهظة"، متوقعاً أن "يرفع المقرضون نسبة الفائدة نظراً لارتفاع المخاطر، ما قد يتسبب في ارتفاع كلفة الديون وخدمتها التي تتحملها الدولة". ولفت إلى أن "زيادة الاقتراض بنسبة فائدة مرتفعة تعني مزيداً من الإرهاق للتوازنات المالية للبلاد، ومخزون العملة الصعبة". ويأتي هذا التصنيف تزامنا مع تأهب تونس لتلقي القسط الثالث من صندوق النقد الدولي لردم فجوة ميزانية الدولة . وفي خضم هذا الشأن، كشف الوزير المكلّف بالإصلاحات الكبرى توفيق الراجحي أن "مجلس إدارة صندوق النقد الدولي سيجتمع يوم 23 مارس الجاري للنظر في الإفراج عن القسط الثالث من تسهيل الصندوق الممدّد" الممنوح لتونس. وأكد في تصريحات إعلامية، أنّ الإفراج عن القسط الثالث سيتم في 24 مارس، أي بعد 24 ساعة من عقد الصندوق اجتماعه. يشار الى أن قيمة القرض تبلغ 2.9 مليار دولار، وأن موعد صرف القسط الثالث تأخّر بسبب عدم تنفيذ الحكومة التزاماتها مع المؤسسة المالية. ويأمل البنك المركزي في أن يساهم القسط الثالث من القرض في رفع مخزون تونس من العملة الصعبة الذي يغطّي وفقاً لآخر إحصاءات 78 يوم توريد من السلع.