يشهد المشهد السياسي اليوم نسقا متسارعا، على مستوى ما يطوّق الحكومة طاقمًا ومردوديّةً، إذ في حين تضافر الحكومة الجهود للعمل على قدم وساق لإنقاذ البلاد من شفر الهاوية في ظل الظروف الاقتصادية والمالية والاجتماعية المتأزمة، بدأت المركزية النقابية التي أبدت تقاربها مع الطرف الحكومي لما يناهز السنة بدأت تحيد عن السطر وتطالب بتحوير وزاري،في سابقة اعتبرها الطرف الحكومي تجاوزا لصلاحيات المنظمة الشغيلة في مرحلة جد حساسة تمر بها البلاد على جل الأصعدة. و عموما، مثلت الأوضاع المالية والاقتصادية المتدهورة التي تعيش على وقعها البلاد العامل الأبرز الذي خلق توترا اجتماعيا، وجميع هذه الأوضاع رهينة الاستقرار السياسي والحكومي على حد سواء. وفي خضم هذا الشأن، رسا أعضاء اللجنة التي تضم الأطراف الموقعة على "وثيقة قرطاج"، الاثنين، على الاتفاق على "ضبط خريطة طريق وتحديد أولويّات الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي في تونس". وفي هذا الصدد، أكدت مسؤولة في الاتحاد الوطني للمرأة وإحدى المشاركات في لجنة الخبراء المنبثقة عن "وثيقة قرطاج"، ناهد السنوسي، أن "الاجتماع كان مطولا وتواصل لعدة ساعات"، مبينة أنه "تم الاتفاق على صياغة وثيقة ستصدر الجمعة، وتتضمن أبرز المقترحات وأولويات الإصلاح". وأوضحت السنوسي، في تصريح للعربي الجديد، أن "الجيد في الاجتماع شعور أغلب الأطراف بدقة الوضع الذي تمر به تونس". كما أكدت أنه "تم تغليب المصلحة العليا بعيدا عن الانتماءات والحساسيات السياسية، سواء تعلق الأمر بالأحزاب أو بالمنظمات المشاركة، مع التأكيد على ضرورة إنقاذ البلاد وتجاوز العراقيل التي أعاقت الحكومة وعطلتها في أداء مهامها". وفي السياق ذاته ، لفتت عضو اللجنة الى أن "تونس تعيش أزمة سياسية خانقة، انعكست على المناخ الاجتماعي والسياسي"، مشيرة إلى أن "هناك العديد من الهيئات الدستورية غير مكتملة، كما أن الوضع ككل يستدعي ضبط الأولويات". وأضافت: "لم يتم التطرق إلى التعديل الوزاري أو تقييم عمل الحكومة، لأنه يعتبر أمرا سابقا لأوانه"، معتبرة أنه "تم التركيز على منهجية العمل وتشخيص الإشكاليات الموجودة في علاقة بتنفيذ بنود وثيقة قرطاج"، لافتة إلى أن "الوثيقة المنتظر صدورها الجمعة ستتضمن النقاط الخلافية والأولويات لإنقاذ البلاد". ومن جهته نوه الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، نور الدين الطبوبي، بأن الموقعين على "وثيقة قرطاج" سيحددون الأولويات، و"على ضوء ذلك ستتضح ملامح الفريق الحكومي ومن سيتولى قيادة المرحلة القادمة". وأوضح الطبوبي، أن "معركة الاتحاد هي معركة اجتماعية ضد قرارات الحكومة وضد سياسة الهروب إلى الأمام التي تعتمدها"، مبينا أن "الخطر الكبير يكمن في إقدام رئيس الحكومة يوسف الشاهد على نسف أسس العقد الاجتماعي من خلال عدم تفعيل المجلس الوطني للحوار الاجتماعي"، مؤكدا أن "كل شيء وارد في ما يتعلق بمواصلة الشاهد قيادة الحكومة من عدمه".