لمْ يمرّ القرار القاضي بالغاء الحبر الانتخابي دون خلق جدل في البلاد، وصل حد اتهام الهيئة الانتخابية بانخراطها في عمليّة كبرى تفضي الى تزوير الانتخابات ، فتحركت منظمات المجتمع المدني بطمّ طميمها لتحذر من تباعيات هذا القرار ، فيما شارعت قيادات بعض الأحزاب للكشف عن المآرب التي تتخفى وراء هذا القرار الفجئي، و فيما تصمم الهيئة الانتخابية على التنويه بدور هذا الاجراء في تجنب البلاد مصاريف تُقدّر بالاف الدينارت، يُصمّم المعارضون لهذا القرار على اعتبار أنّ هذه الحجج واهية و غير مقنعة . و يبدو ان الضغوطات التي مارستها كل من المنظمات و الأحزاب على الهيئة ، أتتْ بثمارها ، بعد أن أعلن بعض أعضاء الهيئة أنّ اعادة العمل بالحبر الانتخابي واردٌ و لكن شرط إدراج كلفته في ميزانية الهيئة . في هذا الصدد، أكّد رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات محمد منصري في تصريح ل"الشاهد"، أن الهيئة لا مانع لها في استعمال الحبر الانتخابي إذا وفرته الدولة، في رد على تعامل الهيئة مع تزايد طلبات مختلف الأحزاب بضرورة توفير الحبر. وأكد المنصري أن ميزانية الهيئة لا تسمح بتوفير الحبر الانتخابي الذي يتطلب مدة زمنية طويلة لا تقل عن 6 أشهر لتوفيره، كما يتطلب 11 ألف عون في 11 ألف مكتب اقتراع لضمان استعماله. من جهة أخرى، قال المنصري أنه لا خوف من عدم استعماله، لأن الهيئة وفرت ضمانات أخرى لشفافية العملية الانتخابية. و بحسب مصادر صحفية ، فإنّ عضو الهيئة نبيل بافون أكد من جانبه أن كل الأحزاب تقريبا تقدمت بمطالب لإعادة الحبر الإنتخابي وأنه سيتم تدعيم الموقف في اتجاه اعادة الحبر الانتخابي الى مجراه. وحذّر المدير التنفيذي لحركة نداء تونس ، حافظ قائد السبسي في تدوينة نشرها على الفايسبوك من خطورة خضوع هيئة الانتخابات لهذه الضغوط " مشيرا إلى أن حذف الحبر يعتبر"ضربا لمصداقية العملية الانتخابية وشفافيتها وفتح خطير لأبواب التزوير والتزييف بما سيهدد لا فقط مصير الانتخابات البلدية بل ومصير الاستقرار في بلادنا" . فيما قال الأمين العام للتيار الشعبي والقيادي بالجبهة الشعبية زهير حمدي، أن قرار مجلس الهيئة الانتخابي ، فيه كثير من ريبة ويثير عديد الهواجس، مشيرا إلى أنّ عدم اعتماد الحبر الأزرق يثير الشكوك كثيرا ويثير الريبة أكثر. ودعا مرصد شاهد لمراقبة الانتخابات ودعم التحولات الديمقراطية الهيئة العليا المستقلة للانتخابات إلى الإسراع بالتزود بالحبر الانتخابي. وشدد المرصد في بيان أصدره يوم الثلاثاء 27 مارس 2018 على ضرورة عدول الهيئة على قرار عدم اعتماد الحبر الانتخابي في الانتخابات البلدية وعدم التعلل بعدم وجود ميزانية والوقت الكافي لجلبه من الخارج ، مشيرا الى أن كلفة توريده لا تتجاوز 1% من ميزانية الهيئة . ووفق ذات البيان عبر المرصد عن استغرابه من "تشبث هيئة الانتخابات بموقفها رغم تفاقم مخاوف الانحراف بالمسار الانتخابي وتزايد موجات التشكيك في نتائجه"، محذرا من "عدم توفر وسائل كافية للتدقيق في السجل الانتخابي للتثبت من عدم وجود مواطنين يحملون أكثر من بطاقة هوية واحدة السبب الرئيسي الذي تم من أجله اعتماد الحبر الانتخابي في 2011". وأكد المرصد على ضرورة ابتعاد الهيئة عما اسماه بالقرارات الفجئية والأحادية الجانب التي تمس مباشرة نزاهة المسار الانتخابي. يذكر أن رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات محمد التليلي منصري كان قد أعلن أن "جملة من الأسباب الموضوعية جعلت الهيئة تقرّر عدم اعتماد الحبر الانتخابي خلال عمليات الاقتراع في الانتخابات البلدية أبرزها عدم إدراج كلفة مادة الحبر في ميزانية الهيئة لسنة 2017″.