لم يتوقف الجدل الذي انطلق منذ أسابيع ، واحتدم منذ أيام قليلة، حول مسألة التمديد في هيئة الحقيقة والكرامة ، سيما وقد عرّت الجلستان التي خصصتا للتصويت على ذلك صلب مجلس نواب الشعب العديد من الحقائق و فتحت أبوابا على مصراعيها حول مدى تشبث أطراف سياسية باستكمال مسار العدالة الانتقالية من عدمه. وبعد جلستين شهدتا توترا السبت والاثنين، رفض النواب بغالبية 68 صوتا تمديد تفويض الهيئة الذي كان من المزمع أن ينتهي مبدئيا في 31 ماي وامتناع شخصين وعدم تصويت أي نائب لصالح التمديد، فيما غادر العديد من النواب -من بينهم من هم من حزب النهضة الجلسة قبل التصويت اعتراضا على "الشوائب" التي طالته، بحسب تعبيرهم. و في خضم هذا الشأن، أصدرت حركة النهضة عشية الاربعاء بيانا حول موقفها من كل ذلك ، شددت فيه غلى تمسّكها بمسار العدالة الانتقالية خيارًا وطنيًّا وعنوانًا أساسيًّا من عناوين الديمقراطية في تونس. و أفاد نص البيان بأن المكتب التنفيذي للحركة تدارس في إجتماعه الأسبوعي الثلاثاء 27 مارس 2018 بإشراف رئيس الحركة راشد الغنوشي تداعيات الجلسة الأخيرة لمجلس نواب الشعب التي خصصت للنظر في قرار هيئة الحقيقة والكرامة التمديد لأعمالها. و أكدت الحركة في نص بيانها تمسكها " بمسار العدالة الانتقالية خيارًا وطنيًّا وعنوانًا أساسيًّا من عناوين الديمقراطية في تونس وجزءًا من الرأسمال الرمزي لبلادنا هدفه كشف الحقيقة وإنصاف الضحايا بما يمكّن من طَيّ صفحة الماضي وتحقيق المصالحة الوطنية الشاملة بعيدا عن منطق الثأر والانتقام والتشفي وانتصارا لقيم العفو والتسامح". في المقابل، استنكرت النهضة " الأجواء التي دارت فيها الجلسة العامة حول العدالة الانتقالية والتي اتسمت باخلالات اجرائية ونقص في الترتيب والتحضير مما دفع الى منزلقات ردود الفعل والتشنج والتوتر في موضوع حساس يحتاج للتعقل والتنسيق والتشاور " ، وفق نص البيان . و اعتبرت في السياق ذاته أن " العدالة الانتقالية استحقاقًا وطنيًّا متعدّد المسارات يجب توفير شروط استكماله وإنجاحه بقطع النظر عن من يدير هذا الملف" . كما نصَّ البيان على "التزام الحركة الكامل باحترام مؤسسات الدولة ورموزها ورفضها لكلّ أشكال المسّ منها أيًّا كانت المبرّرات والذرائع". هذا ولفتت النهضة في بيانها إلى " حاجة البلاد لكل أبنائها وبناتها والى المحافظة على روح الحوار والتوافق من أجل معالجة جميع القضايا محل الاختلاف بما يعزز الوحدة الوطنية ويحقق السلم الاجتماعية والاستقرار السياسي الذي تحتاجه بلادنا لمواجهة الصعوبات والتحديات القائمة" . جدير بالذكر أن كلا من حركة «النهضة» وأحزاب المعارضة اعتبروا أن عملية التصويت التي تمت ضد «طلب» التمديد غير قانونية. و كتب الحبيب خضر النائب عن حركة «النهضة» والمقرر العام السابق للدستور على صفحته في موقع «فيسبوك»: " عند مناقشة تمديد عمل الهيئة في مكتب المجلس، تم لفت الانتباه الى أن ذلك مخالف لمقتضيات القانون ولكن تم «المرور بقوة» مما استدعى لاحقا انسحاب ممثلي كتلة النهضة من اجتماع المكتب" . من جهته، أوضح النائب السابق عن حركة "النهضة"، نجيب مراد أنّ "الفصل 18 كان واضحاً، ولم يكن هناك أي خلاف داخل المجلس التأسيسي سابقاً حول هذا الفصل، الذي يؤكّد أن مدة عمل الهيئة هي 4 أعوام قابلة للتمديد بسنة إضافية"، معتبراً أنّ "التصويت الذي تم يعتبر لاغيا وغير قانوني". وتابع مراد أنّ "ما حصل في جلسة البرلمان خرق للقانون والدستور وسعي لضرب مسار العدالة الانتقالية، التي تعتبر أساسية في ثورة الحرية والكرامة، وضرورية لتمكين الشعب التونسي من كشف الحقيقة خلال فترة الديكتاتورية والاستبداد". ودعا مراد "هيئة الحقيقة والكرامة المنتخبة من قبل البرلمان، إلى إكمال مهامها وأعمالها"، قائلاً إنّ "عليها أن لا تهتم بالتصويت الذي حصل ". وكانت النائب عن حركة النهضة مُنية إبراهيم دخلت في مشادّة كلامية مع رئيس البرلمان بعد أن اتهمته بالانحراف في مسار الجلسة للتصويت ضد التمديد لهيئة «الحقيقة والكرامة»، على اعتبار أن لديه ملفات تتعلق بقضايا تعذيب وقتل، وهو ما نفاه الناصر كليا.