يبدو أن ملف التعليم في تونس سيسجل فصلا جديدا في أزمته، بعد أن كان قاب قوسين من الإنفراج، سيما وقد لانت خطابات كلّ من وزير التربية حاتم بن سالم والأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نورالدين الطبوبي حول المسألة قبل سويعات قليلة من الاجتماع الذي جمع الطرفين ، إلا أن المفاوضات لم تتوصل الى حل مرضٍ الأمر الذي بات ينذر حقا ب"سنة بيضاء".. وفي خضم هذا الشأن، أكّد بن سالم، أمس الخميس 29 مارس 2018, أن الوزارة "لن تخضع لأيّة إملاءات كلّفها ذلك ما كلّف.. ولن تتراجع عن موقفها مهما كانت التكاليف والنتائج" معتبرا أن للدولة نواميسها وأنها لن ترضخ للتفاوض تحت التهديد. وأضاف الوزير أن هذا الموقف لا يمثّل وزارة التربية فقط بل هو موقف الحكومة "التي قرّرت عدم التفاوض دون رفع القرار العنهجي الجائر" المتعلق بحجب الأعداد، قائلا إنّه "أكبر خطر على توازنات المنظومة التربوية وأكبر كارثة لمستقبل التلاميذ". وشدّد بن سالم على أنه "من غير المعقول استعمال التلميذ كرهينة لإرضاخ الحكومة لقبول مطالب الأساتذة". وتابع الوزير "حملة الشيطنة إذا انطلت على وزير آخر فلن تنطلي على الحكومة الحاليّة.. أقولها بكل وضوح وكل قوّة.. ومن شأن كل شخصنة في الموضوع أن تعكّر الأجواء". كما دعا الأساتذة إلى تحكيم ضمائرهم المهنيّة وإبعاد التلميذ عن هذا الملف والنقابة إلى الرجوع إلى طاولة المفاوضات. وتعليقا على طمأنة الوزارة بأن قرار السنة البيضاء غير وارد قال بن سالم إنّ "السنة أصبحت سوداء". وأشار إلى أنه ليس لتسليم الأعداد للتلاميذ أيّة أهميّة خاصّة أن الوزارة تلقت إشعارا بعديد حالات تدليس بطاقات الأعداد من طرف تلاميذ بالباكالوريا الذين قال إنهم ينوون الدراسة بجامعات أجنبيّة لافتا إلى أن آخر أجل لتقديم ملفاتهم للتسجيل بتلك الجامعات هو مارس الجاري. وأضاف الوزير أن وزارة التربية لا تملك المالية العمومية أو خزينة الدولة لتمكّن الأساتذة من ال195 مليارا التي طالبوا بها، مؤكّدا أن 80% من الأساتذة لم يقدّموا الأعداد للوزارة وأنها ستتخذ الإجراءات القانونيّة اللازمة منها حجب الأجور. وقال الوزير:'دخلنا في نسق لا إمكانية لإيجاد حل…لأن الطلبات 90 بالمائة منها مادية ومالية فيها طلبات ممكن التفاوض فيها وطلبات أخرى مجحفة لا يمكن التفاوض فيها'. يشار إلى ان أزمة التعليم الثانوي بين وزارة التربية والجامعة العامة للتعليم الثانوي وصلت لحد التهديد والوعيد المتبادل من الطرفين، الثانية تهدد بحجب الاعداد ومواصلة القرار والأولى تهدد بحجب الأجور. وللتذكير فقد جمع لقاء الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي بوزراء المالية والتربية والشؤون الإجتماعية من أجل التوصل لحل، لكن لحد اللحظة لم يتم الإعلان عن أي نتائج. وكانت الامال معلقة حول انفراج أزمة التعليم الثلاثاء سيما في ظل اعتماد كل من بن سالم و الطبوبي خطابا لينا قبل الاجتماع بين الطرفين الحكومي والنقابي بسويعات. وكان وزير التربية قد أعرب ، الاثنين، عن تفاؤله بشأن الاجتماع التشاوري مع الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل الذي تم تنظيمه بهدف إيجاد حلول للأزمة التي سببتها احتجاجات تقودها نقابة الأساتذة. وتابع بن سالم القول أن "التشاور مع الشريك النقابي يكاد يكون بصفة يومية ولم يتوقف أبدا"، مشددا على أن وزارته تسعى "إلى تقريب وجهات النظر لتجاوز المشكلات في أقرب وقت ممكن"، مؤكدا أن "علاقتنا مع اتحاد الشغل محترمة". ومن جهته ، قال الطبوبي، إنه "سيتم إيجاد حل لأزمة التعليم الثانوي الثلاثاء، مع الحفاظ على كامل حقوق المدرسين". وشدد على أن المنظمة العمالية "ستكون داعما لأسرة التعليم".