رغم ما يعكسه تغيير الحكومات أو التّحوير الوزاري من نتائج سلبية على استمرارية الدولة ودورها في حلحلة الازمات المتعاقبة ، لا تزال أصوات تنادي بتغيير الحكومات لتتحول هذه المطالب ، الى سمة من سمات المشهد السياسي التونسي الذي طغى عليه التحوير والتغيير اكثر من الاستقرار و الاستمرار ، و لعلنا لا ننسى ان تونس عرفت في السبع سنوات الاخيرة ثماني حكومات ، أيْ بمعدل حكومة لاقل من سنة ، الرقم قد يكون صادما بالنسبة لبعض الاطراف السياسية ، و قد يكون رقما عاديا و طبيعيا و مرشحا للارتفاع بنظر اطراف ثانية لا هدف لها سوى اقتناص الفرص التي من الممكن ان تترتب عن الفوضى و البلبلة التي تسبب بها التغييرات . و في خضم تمسُّك المركزيّة النقابية بمقترحها أو (مطلبها) في ضرورة اجراء تحوير وزاري او تغيير الحكومة بما في ذلك رئيسها ، خرجت بعض الاحزاب (الكرتونية) من اوكارها لتصعد على مطلب " التحوير" بتعلاّت واهية ، خروجٌ فسّره البعض برغبة هذه الاحزاب في اصطياد الماء العكر خاصة و انها لم تقدر على تحقيق اي انجاز يذكر ولم تتمكن من المزاحمة في الانتخابات او ايجاد مكان قيّم لها في خضم الاحداث المتسارعة ، و من هذه الأحزاب حزب "تونس أولا" ، أحد الأحزاب المنشقة عن نداء تونس . ودعا مُنسّق حركة تونس اولا رضا بلحاج رئيس الحكومة الى التخلي عن منصبه معتبرا أن يوسف الشاهد انحرف عن المسار الديمقراطي ودخل في تجاذبات سياسية وطرق موازية لتشويه الخصوم واهتمّ بأمور لا علاقة لها بمصلحة البلاد ومن واجبه اليوم تسهيل عملية الانتقال الحكومي والتخلي عن منصبه وقال " يجب أن يعي رئيس الحكومة بضرورة الاستقالة في اقرب وقت ممكن" وأضاف "الشاهد أضاع مستقبله السياسي وتشبثّه بالحكم يضره ويضرّ بمصلحة البلاد" وأوضح بلحاج لدى حضوره في برنامج "البلاد اليوم" على الاذاعة الوطنية أن موقف حركة تونس أولا منذ البداية كان واضحا وهو أن حكومة يوسف الشاهد غير قادرة على تسيير البلاد في هذا الظرف الصعب، وأضاف أنه هناك إجماع حول أن الحكومة الحالية مصابة بالشلل وعاجزة عن الخروج من الأزمة. وقال بلحاج أن موقف الأطراف الموقعة على وثيقة قرطاج المجتمعين صلب لجنة تحديد الأولويات واضح جدا وتقييمهم للوضع دقيق خاصة الفاعلين الاجتماعيين وقال أنهم مصممين على أن يكونوا شركاء في تشكيل الحكومة المقبلة مشيرا إلى أن منظومة الحكم الحالية جاءت نتيجة اعتماد مبدأ الغنيمة والمحاصصة لحزبي النهضة والنداء وهذان الحزبان هما من يتحملان مسؤولية فشلها وهو خطأ لا يجب ان يتكرر في تشكيل أي حكومة قادمة. و في قراءة تحليلية لمضمون هذا الخطاب ، يرى مراقبون ، أنّ هذه الاحزاب باستثمارها لهذا الخطاب تراهن على الفوضى و تستثمر في الانقلابات لإيجاد موطئ قدم في الساحة السياسية لأنها لا تثق في شعبيتها و قواعدها و مسانديها و بدل تقديم برامجها سياسية تعوّل هذه الأحزاب على الخطاب الأرعن والمشيطن لبقية الأطراف ، لتقديم نفسها كبديل ، و لكنها فشلت مع ذلك في بسط مخططاتها على أرض واقع ، لأنها مكشوفة بخطاب هجوميّ يُعرّي ضعفها و هشاشتها .